ثم يُكسى الأَولياءُ، فَتكون كِسْوَةُ كُلِّ إنسانٍ مِن جِنسِ مَا يَمُوتُ فيه، حتى إذا دَخَلُوا الجَنَّةَ أُلْبِسُوا مِن ثِيابِ الجَنَّةِ، ويُبعثُونَ مِن قُبُورِهِم في ثِيَابهم التي يَمُوتُونَ فيها، ثُمَّ عِند الحَشْرِ تَتَناثَرُ عَنهُم ثِيابُهُم، فَيُحْشَرُونَ، أو بَعْضُهُم إلى مَوقِفِ الحِسَابِ عُرَاةً، ثُم يُكْسَوْنَ مِن ثِيابِ الجَنَّة، والله أعلم.
وقَد حَمَلَهُ بَعضُ أَهلِ العِلْمِ عَلى العَمَل، أي: في أَعْمَالِه التي يَمُوتُ فيها من خَيرٍ، أو شَرٍّ، قال الله ﷿: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: ٢٦]، وقال: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)﴾ [المدثر] قال قتادة: يقول: عَمَلَك فَأَخْلِصْهُ (١).
(٢٧٢) وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظُ، أخبرنا أبُو عَبدِ الله مُحمدُ بنُ عبد الله الزَّاهِد، حدثنا أَحمدُ بنُ يُونُسَ الضَّبِّيُّ، حدثنا مُحاضِرُ بن المُوَرِّع، حدثنا الأَعْمَشُ، عن أَبي سُفْيَانَ، عن جَابِر، عن النَّبِيِّ ﷺ قال:
«يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ».
أخرجه مسلم في الصحيح (٢)، من حديثِ جَرِيرٍ، عن الأعمش.
وَرُوِّينَا عن فَضَالَةَ بنِ عُبَيد، عن رَسُولِ الله ﷺ أنه قال:
«مَنْ مَاتَ عَلى مَرتَبَةٍ مِن هَذِهِ المَرَاتِب بُعِثَ عَليها يَومَ القِيَامَةِ» (٣).
وهَذَانِ الخَبَرانِ يُؤَكِّدَانِ قَولَ مَن حَمَلَ الخَبَر الأَوَّل عَلى العَمَلِ، والله أعلم.
* * * * *
(١) ينظر تفسير الطبري (٢٣/ ٤٠٧).
(٢) صحيح مسلم (٢٨٧٨).
(٣) أخرجه أحمد (٢٣٩٤١)، من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري ﵁، وقال محققو المسند: إسناده صحيح.