124

فى الوجود الذهنى ممكن ، لأن الوجوب الذاتي لا ينافى الافتقار إلى الغير فى الوجود الذهنى. نعم يلزم إمكانه بحسب الوجود الذهنى لكنه ليس خلاف المفروض ، ضرورة أن الوجوب الذاتى باعتبار الوجود الخارجى لا ينافى الإمكان باعتبار الوجود الذهنى.

وبالجملة هذا الدليل إنما يدل على نفى التركيب من الأجزاء الخارجية ، والمطلوب على ما تقرر نفى التركيب مطلقا ، فلا يتم التقريب ، إلا أن يقال المدعى هاهنا نفى التركيب من الأجزاء الخارجية فتدبر.

الصفة الثانية من الصفات السلبية أنه تعالى ليس بجسم ولا عرض الجسم عند الحكماء وبعض المتكلمين هو الجوهر القابل للأبعاد الثلاثة ، وعند بعضهم هو الجوهر المركب من جزءين فصاعدا ، والجوهر عندهم هو الحادث المتحيز لذاته ، والعرض هو الحال فى المتحيز لذاته ، وإلا أى إن كان جسما او عرضا لافتقر إلى المكان واللازم باطل ، فالملزوم مثله ، أما الملازمة فلأن كل جسم متمكن ، أى متحيز لما عرفت سابقا ، وكل متمكن محتاج إلى المكان اى الحيز ، وهو عند المتكلمين الفراغ الموهوم الذي يشغله الجوهر ، فيكون كل جسم مفتقر إلى المكان ، وكذا كل عرض حال فى المتمكن مفتقر إليه ، والمفتقر إلى المفتقر إلى الشيء مفتقر إلى ذلك الشيء ، فيكون كل عرض مفتقر إلى المكان ، فثبت انه تعالى لو كان جسما أو عرضا لكان مفتقرا إلى المكان. وأما بطلان اللازم فلان الافتقار إلى الغير يستلزم الإمكان ، هذا خلف.

وفيه نظر ، لأنه إن أراد بالافتقار إليه فى الوجود فالملازمة ممنوع ، لأن المتمكن إنما يفتقر إلى المكان فى تمكنه لا فى وجوده ، وإن أراد الافتقار فى التمكن ، فالملازمة مسلمة ، لكن بطلان اللازم ممنوع ، إذ الافتقار فى التمكن لا يستلزم الإمكان المنافى للوجوب الذاتي كما لا يخفى.

أقول يتجه أيضا أنه لو صح ذلك الدليل لزم أن يكون الله تعالى مع العالم مثلا ، وهو باطل بديهة واتفاقا ، وذلك لأنه تعالى لو كان مع العالم لافتقر إلى العالم ، واللازم باطل فالملزوم مثله ، وما هو جوابنا فهو جوابكم.

Halaman 130