فقال فؤاد في عنف: وبم تقسم لي؟
فأجاب الفتى وفي صوته رنة المتألم: إنك تنكر في لحظة من عرفته في سنين، ولكن ما علينا! سأحلف بتربة أبيك، ولا شك أنك تحس في قرارة قلبك أنني صادق، أقسم بتربة أبيك لم أسرق، وأقسم كذلك بتربة أمي التي كانت تحبك وكنت تحبها، أقسم برحمة أمي أنني لم أسرق.
فنظر فؤاد إليه في حيرة ووقع في نفسه أنه صادق.
واستمر الفتى يقول: وجدت بالأمس في المساء هنا عجلا وراء خيمتي مقيدا، وحسبت أن بعض الجيران قد تركه في جواري حتى يعود إليه، فكثيرا ما يفعل جيراني مثل هذا اطمئنانا إلى حراستي، فضممته إلى ماشيتي وأطعمته من علفي، وأنا واثق من أن صاحبه سوف يعود إلي ليسترده مني، فكنت أنت أول من جاء بحديثه إلي في مثل هذه الغضبة التي أخرست لساني.
ثم أشار بيده إشارة بأس.
فأحس فؤاد كأن الأرض تهبط تحت قدميه، واستند إلى كتف الفتى، فأسرع يسنده وذهب به إلى العربة حتى أجلسه فيها، ونسي ما كان فيه وأقبل عليه يعنى به في لهفة.
فقال فؤاد وهو يمد إليه يده مصافحا: أنا آسف يا قوية على ما بدا مني، ولكني لا أستطيع أن أفهم من هذا الأمر شيئا، فأنا أصدقك ولكني لا أستطيع إلا أن أمضي عنك والله يتولاك.
فأطرق الفتى حينا، وجعل ينكت الأرض بعصا في يده، ثم رفع رأسه قائلا: إذا صدق ظني يا سيدي فهي مكيدة خبيثة قد دبرت لي، أليست السرقة في عزبة ميسور؟
فقال فؤاد كالحالم: مكيدة؟!
فقال قوية في هدوء: أتحب أن تسمع ما تقوله تعويضة؟
Halaman tidak diketahui