ولكنه كان منذ صباه يحب أن يظهر بالغنى والكرم، وقد اقتضاه هذا الكثير من المال، ولم تصده قلة المال عن التظاهر بالكرم والغنى.
وهكذا وجد نفسه آخر الأمر وبعد دعوات كثيرة أجابها للمعلم حسونة، وجد نفسه مضطرا إلى أن يقتطع بعضا من رأس ماله يجدد به منزله ويشتري أدوات مائدة، استعدادا لدعوة المعلم حسونة.
حتى إذا أتم أهبته، تجرأ وتقدم للمعلم حسونة، ودعاه أن يشرف بيته في القرية، هو والعائلة.
وشرف المعلم حسونة مصطحبا معه ابنته وابنه، وكانت الابنة غاية في الجمال، ولم يكن السيد قد رآها قبل يوم دعوته هذه، فما إن رآها حتى بهره جمالها.
وقضى الضيوف يومهم يمرحون، ولكن المضيف قضى يومه خائرا ملتهب الخاطر مشتت الفؤاد مصعوقا بجمال الابنة، سكينة.
وكثرت زيارات السيد للمعلم حسونة، وازدادت الصلة وقويت، والسيد يهم في كل يوم أن يخطب سكينة من أبيها، ثم يمسك بلسانه خجل لا يبارحه.
نعم لم يكن السيد يعرف عن سكينة إلا أنها جميلة، ولكنه أيضا لم يكن يعرف أن هناك شروطا أخرى إلى جانب الجمال، لا بد من توافرها في زوجته، لا، لم يكن يعرف ولم يهمه أن يعرف عن سكينة إلا أنها جميلة، وإلا أنها بنت المعلم حسونة.
وأخيرا لم يطق صبرا فتكلم، ولكنه لم يكلم المعلم حسونة، وإنما قصد إلى خاله هو: خال. - خير يا ابني. - أريد يا خال أن تخطب لي. - وما له يا ابني ما أحب إلي أن أفعل، أتريد أن أختار لك أم أنك اخترت؟ - والله يا خال أنا اخترت. - من العروس؟ أظنها فاطمة ابنة عمتك، فأنت تميل لها منذ كنتما طفلين. - والله يا خال الزواج قسمة ونصيب، وأنا اخترت من البندر.
وقال الخال ملهوفا: من البندر؟! - نعم يا خال. - يا ابني وما لنا نحن وما للبندر، ألم يعجبك أحد من أقاربك أو من البلد كلها حتى تختار من البندر؟ - والله يا خال القسمة. - وأي قسمة؟ إننا ما زلنا على البر، إن شئت خطبت لك فاطمة. - لا يا خال. - يا ابني بنت البندر لا ترضى عن عيشتنا. - لا عليك يا خال فأظن أنها سترضى؛ فقد جاءت هنا مع أبيها وأعجبتها البلدة. - أمرك يا ابني أخطب لك من تشاء.
وهكذا ذهب السيد سكر إلى المعلم حسونة وقد اصطحب خاله ليكون لسانه - بدلا من لسانه هذا الذي أعيته الحيلة - ويخطب له سكينة.
Halaman tidak diketahui