حين سمع فلوري الطبول تذكر أنهم يقيمون مهرجان بوي على مسافة غير بعيدة على الطريق، أمام منزل يو بو كين؛ في الواقع كان يو بو كين هو الذي أعد العدة للمهرجان، وإن كان شخص آخر هو الذي تكفل بنفقاته. هنا خطر لفلوري فكرة جريئة، أن يصطحب إليزابيث إلى المهرجان! فسوف تحبه، لا بد أن تحبه؛ فلا يمكن لشخص له عينان أن يقاوم رقص مهرجان بوي. قد تقع فضيحة حين يعودان إلى النادي معا بعد غياب طويل؛ لكن تبا! ما أهمية ذلك؟ فهي مختلفة عن ذلك القطيع من الحمقى الذين في النادي. وسيكون الذهاب معا إلى المهرجان ممتعا للغاية! في هذه اللحظة انفجرت الموسيقى في جلبة مخيفة؛ صرير حاد من المزامير، وجلجلة مثل جلجلة الصناجات، وقرع خشن على الطبول، علا فوقها صوت رجل كان يزعق بحدة.
توقفت إليزابيث وقالت: «ما هذه الضجة؟ يبدو مثل صوت فرقة جاز!» «إنها الموسيقى المحلية؛ فإنهم يقيمون مهرجان بوي، إنها مسرحية بورمية نوعا ما؛ مزيج ما بين مسرحية تاريخية وإسكتشات رقص وغناء، إذا استطعت تخيل ذلك. أعتقد أنك ستجدينها مسلية. إنها عند منعطف الطريق بالضبط.»
قالت بشيء من الشك: «أوه.»
دارا مع المنعطف فوصلا إلى وهج من الضوء. كان الطريق طيلة ثلاثين ياردة يسده جمهور يشاهدون المهرجان. كان في الخلفية مسرح مرتفع أسفل مصابيح كيروسين لها أزيز، وأمامه الفرقة الموسيقية وقد علا صوتها صياحا وقرعا؛ على المسرح كان رجلان بملابس ذكرت إليزابيث بالمعابد الصينية يؤديان حركات تمثيلية بسيوف معقوفة في أياديهما. على طول طريق السير كان بحر من ظهور نساء تسربلن بموسلين أبيض، بشالات وردية مرسلة حول مناكبهن وشعور سوداء ملفوفة في كعكات. وتمدد القليلون على حصائرهم، وراحوا في سبات عميق. وجعل صيني عجوز بصينية فول سوداني يسلك طريقه وسط الحشد، وهو يترنم حزينا: «مايابي! مايابي!» [فول سوداني باللغة البورمية].
قال فلوري: «سنتوقف ونشاهد لبضع دقائق إذا أردت.»
كاد وهج المصابيح والضجيج المروع للفرقة الموسيقية أن يصيب إليزابيث بذهول، لكن أكثر ما جعلها تجفل كان منظر هذا الحشد من الناس وهم جالسون على قارعة الطريق كما لو كانت صالة مسرح.
قالت إليزابيث: «هل دائما ما يؤدون مسرحياتهم في وسط الطريق؟» «دائما؛ فهم يقيمون شيئا شبيها بخشبة مسرح ويفككونها في الصباح. ويستمر العرض طوال الليل.» «لكن هل يسمح لهم بأن يسدوا الطريق كله؟» «أجل. لا يوجد هنا أنظمة مرور. إذ لا يوجد مرور لينظم.»
بدا لها الأمر شاذا جدا عن الطبيعي. في هذا الوقت كان كل الجمهور تقريبا قد استداروا على حصائرهم ليبحلقوا في السيدة الإنجليزية. كان يوجد في منتصف الحشد بضعة مقاعد، جلس عليها بعض الكتبة والمسئولين. كان بينهم يو بو كين، الذي بذل جهدا ليستدير بجسده الشبيه بجسد الفيل ويحيي الأوروبيين. حين توقفت الموسيقى جاء با تايك المجدور مسرعا وسط الحشد وهبط إلى الأرض محييا فلوري، بأسلوبه الوجل.
وقال: «سيدي المعظم، يو بو كين، يسألك إذا ما كنت تود أن تأتي أنت والسيدة الشابة البيضاء وتشاهدا عرضنا بضع دقائق. فلديه مقاعد جاهزة لكما.»
قال فلوري لإليزابيث: «إنهما يسألاننا الذهاب والجلوس. هل تودين ذلك؟ العرض ممتع إلى حد ما. سينصرف هذان الرجلان عما قليل وستقدم بعض الرقصات. هلا لبثنا بضع دقائق إذا كنت لا تجدين الأمر مملا؟»
Halaman tidak diketahui