Ayat Bayyinat
الآيات البينات في ذكر ما في أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعجزات
Genre-genre
وأما نفاسة المعنى فإنه صلى الله عليه وسلم جعل مزية الإسلام، لمن كان المسلمون معه على سلام، وذلك أن الذنوب تنقسم قسمين: كفر ومعاصي، والمعاصي تنقسم قسمين تجمعها مخالفة أمر الله، فأحدهما بين العبد وبين بارئه، والآخر ظلم للعباد، فأما الكفر فلا وجود للإسلام معه إذا كان بمعنى الإيمان، كما هو في هذا المكان، إذ هو ضده والضدان لا يجتمعان، وأما المعاصي فأشد قسميها مظالم العباد، ومظالم العباد تكون إما في مال أو في عرض أو في جسم، وهي متناولة باللسان واليد، واللسان آلة العرض واليد آلة الجناية على الجسم أو التعدي في المال، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم مزية الإسلام لمن سلم منها، وحض النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام على مسالمة المسلمين وترك أذاهم. وليس ببدع لمن أوتي جوامع الكلم أن يأتي في الألفاظ بالبلاغة وفي المعاني بالحكمة، وتظهر هذه المزية بما إذا فرضنا مسلما يقارف الذنوب التي بين العبد وبين بارئه، ومسلما يقارف الذنوب التي هي مظالم العباد، فلا خلاف بين العلماء أن المسلم الذي لا يظلم العباد أسلم من المسلم الذي ظلمهم؛ لأن الجنايتين عند العلماء مفترقتان، والقضيتين مختلفتان، فمجانب المظالم أسلم، ومواقعها أظلم وأجرم.
واعلموا رحمكم الله أن الظالم لا يستحق العهد من الله بالإمامة،
Halaman 271