Kertas-Kertas Hidupku (Bahagian Pertama)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Genre-genre
منذ الدكتور «حنا» في منوف أصبحت أكره الأطباء، الأصابع الصلبة تنقر فوق صدري كأنما صندوق خشبي، الأنفاس السريعة اللاهثة تفوح منها رائحة السبيرتو وصبغة اليود ومحلول اليزول، الصوت المعدني والضحكة الميكانيكية الخالية من المرح، الأنف الشامخ الخالي من الكبرياء.
للمرة الأولى أركب العلبة المربعة ذات القضبان الحديدية التي تصعد الأدوار العليا، طنط فهيمة تسميها «الأسانسير»، كلمة فرنسية تعني «المصعد»، تلاشى الألم في عظامي مع الصعود حتى الدور التاسع كأنما أركب طائرة، أصبح جسدي خفيفا، تحررت من الجاذبية الأرضية، ضحكت بصوت مسموع، أغمض عيني، أطير.
الفرح تبدد حين دخلت العيادة، صالة الانتظار الواسعة، زحام من المرضى، عكاكيز خشبية، وجوه صفراء شاحبة، عيون منكسرة، واستسلام كامل، انتظار الموت مثل انتظار مقابلة الطبيب.
سوف أصبح مثلهم، سوف أتكئ على عكاز خشبي وأقضي عمري في غرفة الانتظار، الانتظار هو الموت، لا أطيق الانتظار، أتحرك من مقعدي، أمشي في الطرقة خارج العيادة، أدب بقدمي، أعلن أنني قادرة على المشي دون عكاز، لست مريضة، لست في حاجة إلى طبيب، لست في حاجة إلى الانتظار!
جاء التومرجي مرتديا مريلة بيضاء، نظارة زجاجية تشبه نظارات الأطباء، عيناه ضيقتان غائرتان، تلمعان مثل عيني الصقر، الشارب الأسود فوق الشفة، من أين جاء التومرجي؟ كان مختبئا في غرفة جانبية يسجل في الدفتر إيراد اليوم، انقض على أبي بصوت يشبه نقيق ضفدع أو نعيق البوم: كشف مستعجل يا بيه؟
فوق الجدار لافتة معلقة، قائمة الأسعار، تشبه القائمة في دكانة ألف صنف وصنف في منوف، شهادة الدكتور من كلية الطب القصر العيني داخل برواز ذهبي، صورة التخرج والأساتذة الأطباء، بعضهم واقف على شكل صف، البعض جالس على الكراسي داخل البدل الداكنة اللون، الوجوه المشدودة العضلات، الأنوف الشامخة، الساق فوق الساق أكثر شموخا بلا كبرياء.
قبض التومرجي ثمن الكشف المستعجل، دخلنا إلى الطبيب، يشبه الدكتور حنا، الصوت وطريقة الكلام، يخلط الكلمات العربية بكلمات إنجليزية، الضحكة الميكانيكية تنم عن اليأس أكثر من المرح، كلية الطب تصك الأطباء بمطرقة واحدة، يتخرجون من تحتها مثل القروش المتشابهة!
رقدت فوق منضدة الكشف، تركني عارية أنتفض من البرد، يرد على التليفون، طالت المكالمة، نسيني فوق منضدة الكشف، عاد واضعا في فمه سيجارا سميكا أسود اللون، تسميه طنط فهيمة «البايب»، ينفث الدخان في السقف، يفحص عظامي، لوى فقرات ظهري تطقطق بصوت عال، تكسرت، فانطلقت صرخة.
لم يشفني الطبيب، أصابني بالانزلاق الغضروفي في الجزء السفلي من عمودي الفقري، عانيت منه طوال حياتي، خرجت من عيادته أعرج عاجزة عن المشي، أدوس على قدمي فأشعر بألم مثل الصاروخ في ظهري، اضطر أبي أن يسندني، وصلنا المصعد.
ميدان الإسماعيلية أوسع مما كان، محطة الترام بعيدة، أبعد مما كانت، لم أستطع السير.
Halaman tidak diketahui