Kertas-Kertas Hidupku (Bahagian Pertama)

Nawal Saadawi d. 1442 AH
106

Kertas-Kertas Hidupku (Bahagian Pertama)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

Genre-genre

أين راحت سامية؟! كانت هنا منذ لحظة! عاوزين مندوبة عنكم، يلا اختاروا واحدة بسرعة. وحملقنا في وجوه بعضنا بعضا في صمت، لا نعرف ماذا نفعل، «نوال المندوبة بتاعتنا.» أكان صوت صفية أم فكرية أم واحدة أخرى من البنات؟ «اتفضلي معانا يا آنسة نوال.»

آنسة؟ لأول مرة يقترن اسمي بلقب آنسة، في الصحف كنت أقرأ عن الآنسة مي زيادة والآنسة سيزا نبراوي، في البريد كانت تأتي الرسائل إلى طنط فهيمة باسم: الآنسة فهيمة شكري.

كأنما كبرت في هذه اللحظة عدة سنوات، تحولت من تلميذة في ثالثة ثانوي إلى آنسة، شددت قامتي ومضيت معهم، قامتي طويلة تقارب قامتهم، يدبون بأحذيتهم فوق أسفلت الميدان، قدماي تدبان الأرض ورأسي مرفوع في زهو كأنما بلغت سن الرشد وأصبحت الآنسة المندوبة. الضربات تحت ضلوعي تؤكد أني مرعوبة، إلى أين يأخذني هؤلاء الرجال؟ فوق صدري تلمع الحروف الحمراء: الجلاء بالدماء. صوتي مبحوح من الهتاف، أفتح فمي لأسأل أين نذهب، صوتي لا يطلع كما يحدث في الأحلام، ذاب الواقع في الخيال وأنا أدخل معهم المبني الفخم، أوهو قصر الملك أم هو السجن؟ بدت اللحظة خارج الزمان والمكان، كأنما عشتها من قبل في النوم في السادسة من العمر، وجدت نفسي داخل بهو ضخم تغطيه السجاجيد الحمراء السميكة، النجف الكريستال تتدلى من السقف، الصور الذهبية فوق الجدران المنقوشة، تطل منها وجوه الملوك والسلاطين. توقفنا عند منضدة كبيرة مذهبة الحواف، من فوقها كتاب حروفه من ماء الذهب، يسمونه سجل التشريفات، طلبوا مني أن أكتب اسمي واسم أبي، تصورت أن الحكومة سوف تقبض عليه، تودعه السجن أو تضربه بالرصاص، وأنا ليس أمامي إلا الطرد من المدرسة والعودة إلى البيت في منوف، ربما كان السجن أفضل أو الرصاص، ألهذا السبب هربت سامية؟!

في قطار العودة إلى حلوان جلست مطرقة الرأس بين الزميلات نتبادل النظرات في صمت دون أن نفهم شيئا، أيتمخض الجبل فيلد فأرا؟! انتهت المظاهرة الضخمة إلى لا شيء؟! مجرد تسجيل أسمائنا في سجل التشريفات!

رأيت الدموع في عيني صفية تنشج بصوت مكتوم: «مالك يا صفية، حصل إيه؟!» أبدا يا نوال، مفيش حاجة، افتكرت أخويا الكبير، ماله أخوكي الكبير؟ أبدا ولا حاجة، هي فين سامية يا نوال؟ مش عارفة راحت فين؟ بصراحة يا نوال الفار بيلعب في عبي، يعني إيه يا صفية؟

لأول مرة أسمع عبارة: «الفار بيلعب في عبي.» تصورت أن فأرا دخل تحت ملابسها من تحت المقعد في القطار، ضحكت صفية حتى امتلأت عيناها بالدموع، ثم راحت تبكي من جديد: «انتي على نياتك أوي يا نوال، لكن سامية دي مية من تحت تبن.»

في المدرسة أصبحت أنا المتهمة الوحيدة بإحداث الشغب، كلمة الشغب بلغة الناظرة تعني المظاهرة الوطنية، سامية غابت عن المدرسة عدة أيام، لم تكتب اسمها واسم أبيها وجدها في اللوح المحفوظ، لم تمر معي في العنابر توزع المنشورات.

في مكتب الناظرة وقفت أمامها أنتفض بالخوف، وهي تنتفض بالغضب: «أنا عملت تحقيق مع البنات، وكلهم اعترفوا انك اللي حرضتيهم على الشغب!» أردت أن أفتح فمي وأقول أنها مظاهرة وطنية، لكن صوتي لم يخرج، ربما أصابني التهاب في الحنجرة من طول ما هتفت: تسقط الحكومة . ها أنا أسقط وليس الحكومة، وليست سامية المحرضة الأولى، هي التي جاءت وقالت: بكرة المظاهرة. أوقعتني سامية في الفخ ثم تركتني، وهؤلاء البنات كيف يعترفن باسمي للناظرة؟ ألم نشترك كلنا في المظاهرة؟ صوت الناظرة الغاضب يدوي: «تقدري تقوليلي من حرض البنات غيرك؟ فيه واحدة تانية حرضت البنات غيرك؟ قوليلي اسمها حالا عشان أعاقبها.»

أطبقت شفتي وأنا واقفة مطرقة الرأس، لم أنطق اسم سامية، لمحت الناظرة بطرف عين، عيناها حمراوان بلون وجوه الإنكليز، صوتها خشن كأصواتهم حين يصرخون من ثكناتهم في الليل، كنت أكره سامية في تلك اللحظة، لكن كراهيتي للناظرة كانت أشد، ربما لهذا السبب لم أعترف لها بشيء.

مدت الناظرة ذراعها الطويلة، وخلعت عن صدري البادج، داست عليه تحت قدمها، رأيت الحروف المطرزة بضوء القمر بلون الدم الأحمر تنهرس تحت حذائها، مدت ذراعها مرة أخرى وخلعت عني جاكت التايير، نفذ الهواء الصاقع من تحت القميص الأبيض، أصبحت أرتعد بالبرد والخوف معا، أمسكت المسطرة في يدها اليمنى، خدوش السلسلة الحديدية فوق أصابعي، سقطت فوقها الضربات بحافة المسطرة كالسكين.

Halaman tidak diketahui