أي سر هذا الذي يجعلك على كل أحوالك تفيضين بالقوة كأنما بنيت على شكل لا يزال يجمعها في نفسه ويبثها من نفسه؟
إنه ولا ريب طابع الجاذبية على القوة.
وأي إبداع هذا الذي يظهرك في محاسنك مظهر كون خلق كله من الزهر، وهو جميل في مجموعه بأجزائه وفي أجزائه بمجموعه!
إنه ولا ريب طابع الألوهية على المعجزة. •••
حولك ما نحسه ولا نعرف منه إلا أنه حولك وحسب، والجو الذي أنت فيه ينعكس عن جمالك في صورة سحرية، فلو أنني طفت العالم كله لرأيته من حولي أينما كنت، وأبصرت وجهك دائما أمام عيني كأني محدود بك في حدود مسحورة تدعك حيث أنت، وتمضي معي حيث أكون!
وما الوجود إلا انسياب قوى المادة بعضها في بعض، وفي هواك تنساب القوى من روحك إلى روحي، فالأصل الذي بني عليه الكون في منافعه بنيت أنت عليه في محاسنك، كأنما هو يعرض قوانينه التي تحس ولا ترى في صورة منك تحس وترى، وتزيد على الرؤية أنها آخر حدود العشق، وعلى العشق أنها أول حدود العبادة.
أما والله لو ناديتك بغير اسمك يا حبيبتي لما وضعت لك إلا اسما من معانيك، ولو سميتك بهذه المعاني لما ناديتك إلا بهذا الاسم العظيم: يا نسوية العالم ...! •••
نارية في غير نار! آه من يفهم هذا؟ ولكني أحسه منك حتى لا أرى جسمك إلا مضيئا مشتعلا بالشباب والجمال، وتالله إني لأحسبك في بعض سبحاتي نارا مدمرة كأنك تقذفين على قلبي منفجرة فيه: ويشتد بي الوجد وأضيق، فما أظن الحب إلا عداوة ساخرة تهزأ بالناس فتجيئهم متلطفة في غير أسلوبها، وعلى غير طريقتها ومن غير أهلها، من الحبيب ... من الحبيب على أنها عداوة ...!
أتلك تلك يا قلبي نار وتدمير وعداوة؟ أم أنها ترتجف من جاذبيتها على زلزلة لا تهدأ ولا تقر، ولا بد لها أن تتم عملها بطريقتها العنيفة؟ إن فيها حركة الجذب، وإن في حركة المقاومة، فأنا المتألم بطبيعتي؛ لأن انجذابي إليها إن هو إلا اصطدام معاني بمعانيها، واندفاع ما يتحطم إلى ما يحطمه، ولكن يا لها من عجيبة، إن هذه هي بعنيها لذة الحب؛ إذ كان تحطيمه فينا هو تغييره فينا، وبذلك يجدد الحياة، أيامها وأشياءها ومعانيها، ويضع في كل أمر غراما، ويجعل لكل شيء عينا كحيلة ...
وراءك يا حبيبتي فكرة مختفية كأنك أنت عملها على حين كأنما هي من عملك. أيكما يا ترى الخطر المستور بجماله؟
Halaman tidak diketahui