قلت: يا ويح غيرك!
7
أمكنني يا جبارة المستحيلات ما أمكن الغزال من جبار الممكنات ...
قالت: أسألك عن مستحيلاتي، ولكن ما هي ممكنات غزالك؟
قلت: إن غزالي هذا كان فيلسوفا لا يصدق إلا ما يقره، ولا يقر ما لا يمتحنه، على طريقة الفيلسوف (كانت)
8 ... ولم يكن رأى سبعا قط، وهولوا عليه في أوصافه ورهبته وسطوته، فلم يصدق شيئا من ذلك إلا أن يراه ويدرسه درسا تحليليا، كما تسمين أنت كلامك وفلسفتك. قالوا: فأطال الغزال الفكرة في ذلك، ودبر أن يلقى الأسد ويدرسه. ثم إنه قسم الدرس إلى أعمال خمسة على هذا النسق: فالأول: أن يتجسس مخالب السبع، ثم يعجمها، ويدق عليها بحجر؛ ليعرف مبلغ صلابتها، ويقف على سر تركيبها ... والثاني: ألا يكتفي بمثل هذا الصنيع في الأنياب؛ بل قرر أن يحطم واحدا منها ... ليعلم ما سر قوتها ومضائها، والثالث: أن يتناول عضلات الأسد في زوره ورقبته وأعضاده فيغمزها غمزا شديدا؛ لعلها من ورم أو شحم وما يدري الناس، والرابع: أن يجيء بالموسى فيحلق لبدة الأسد فيكشف عما تحتها، ويرى منظره وقد عري منها، فلعلها من شعوذته في القوة واحتياله على مظهرها ورهبتها، والخامس: أنه متى فرغ من كل ذلك حملق في عيني الأسد، ودرس ذلك اللمح المخيف من شعاعهما، فإن لم يبلغ من ذلك ما أراد علمه وفلسفته اقتلع إحداهما وأسالها، وبحث فيها ما شاء!
قالوا: ولما جاء العرين، وأصبح من الأسد بمرصد، وهبت رائحة لحمان أجداده ... قال: النجاة النجاة! ما هذا بالذي خلقت له فلسفة رأسي، ولكنه الذي خلق له عدو ساقي ... ووثب يشتد مع الريح.
9
ولكن آه من تعقيد الحب، إن الفيلسوف المتهزم الآن هو الأسد بلبدته وأنيابه ومخالبه، وبكل ما هو به أسد، والمنتصر هو الغزال بلينه ونعومته وبعينه الكحيلة، وبكل ما هو به غزال!
قالت: آه! ولم تزد. •••
Halaman tidak diketahui