فدارى إدريس خيبته بابتسامة شاحبة وقال: ليس جريمة أن يطلع ابن على ما يخصه في حجة أبيه. - لكنك تطلب إلي سرقة سر يحرص أبونا على صونه!
فتنهد إدريس بصوت مسموع وقال: قلت لنفسي عندما قررت اللجوء إليك: «ما أصعب أن أقنع أدهم بعمل يعتبره مخالفا لإرادة الأب!» ولكن داعبني أمل قوي فقلت: «لعله يقدم إذا لمس مدى حاجتي إلى معونته.» وليس في الأمر جريمة، وسيمر بسلام، وستجد أنك انتشلت روحا من الجحيم دون أدنى خسارة. - ليحفظنا المولى من الأخطاء! - آمين، لكني أتوسل إليك أن تنقذني من العذاب.
نهض أدهم في جزع واضطراب، فنهض إدريس في أثره، وابتسم ابتسامة دلت على تسليمه باليأس، وقال: أزعجتك حقا يا أدهم؛ من أمارات تعاستي أنني لا ألقى شخصا حتى تدركه المتاعب على وجه أو آخر. بات إدريس لعنة سافرة ... - كم يعذبني عجزي عن مساعدتك، إنه عذاب ما بعده عذاب!
فدنا منه حتى وضع يده على منكبه في رقة، ثم لثم جبينه في عطف، وقال: لا يسأل عن تعاستي إلا نفسي، لماذا أحملك فوق ما تطيق؟ دعني أتركك بسلام وليفعل الله ما يشاء!
قال إدريس ذلك ثم ذهب.
7
دبت الحيوية في وجه أميمة لأول مرة منذ عهد غير قصير، فسألت أدهم باهتمام: ألم يحدثك أبوك عن الحجة من قبل؟
كان أدهم متربعا على الكنبة، ينظر من النافذة إلى الخلاء الغارق في الظلمة. فأجابها: لم يحدث أحدا عنها قط. - لكن أنت ... - لست إلا أحد أبنائه الكثيرين!
فابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت: لكنه اختارك أنت لتدير الوقف!
فالتفت نحوها قائلا بحدة: قلت إنه لم يحدث أحدا عنها قط!
Halaman tidak diketahui