وقال له شافعي وهو يضغط على مخارج الدمع: فلتصحبك السلامة يا رفاعة.
عانق رفاعة والديه ثم التفت إلى ياسمينة قائلا: احبكي الملاءة والبرقع كي لا يعرفك أحد.
ثم وهو يميل إلى أذنها: لا أطيق أن تمتد لك يد بسوء.
59
غادرت ياسمينة الربع ملتفة في السواد وكلمات عبدة تتردد في أذنيها حين قالت لها وهي تودعها: «مع السلامة يا بنتي، ربنا يحفظك ويصونك، رفاعة عهدتك، سأدعو لكما في النهار والليل.» كانت طلائع الليل تزحف، وفوانيس المقاهي تشتعل، والغلمان يلعبون حول الأنوار المنبعثة من مصابيح عربات اليد، على حين احتدم عراك القطط والكلاب - كشأنه في ذلك الوقت من اليوم - حول أكوام الزبالة.
مضت ياسمينة نحو الجمالية وليس في قلبها العاشق مكان للرحمة. لم يساورها التردد ولكن ملأها الخوف فخيل إليها أن أعينا كثيرة ترقبها. ولم تشعر بشيء من الاطمئنان حتى عرجت من الدراسة إلى الخلاء، لكنها لم تجد الاطمئنان الحقيقي إلا في المنظرة بين يدي بيومي. ولما نزعت النقاب عن وجهها تفحصها باهتمام وتساءل: خائفة؟
فأجابت وهي تلهث: نعم. - كلا، الجبن ليس من صفاتك، خبريني ماذا وراءك؟
قالت بصوت لا يكاد يسمع: هربوا من فوق الأسطح إلى بيت كريم، وسيغادرون الحارة عند الفجر.
فغمغم بيومي ساخرا: عند الفجر يا أولاد الهرمة! - أقنعوه بالذهاب، فلماذا لا تدعه يذهب؟
فابتسم ساخرا وقال: قديما ذهب جبل ثم عاد، هذه الحشرات لا تستحق الحياة.
Halaman tidak diketahui