فهزوا رءوسهم في أسى وهم يدخنون، أما برهوم التربي فسأل عم شافعي باسما: لماذا لا تريد أن تصنع لي تابوتا؟ أليس كل شيء بثمنه؟
فكف عم شافعي يده عن المنشار لحظة وقال ضاحكا: يفتح الله، وجود التابوت في الدكان يهرب الزبائن.
فقال فرحات مؤمنا على قوله: صدقت، قطع الموت وسيرته.
فعاد حجازي يقول: عيبكم أنكم تخافون الموت أكثر مما ينبغي: لذلك سيطر عليكم خنفس، وتسلطن بيومي، وصادر إيهاب أرزاقكم. - وأنت ألا تخاف الموت مثلنا؟
فبصق ثم قال: العيب عيبنا جميعا، كان جبل قويا، وبالقوة والعنف استخلص لنا حقنا الذي أضاعه الجبن.
وإذا برفاعة يتوقف عن الدق فيخرج المسامير من فيه ويقول: أراد جبل استخلاص حقنا بالحسنى، ولم يعمد إلى القوة إلا دفاعا عن نفسه.
فضحك حجازي استهزاء وقال متسائلا: خبرني يا بني هل تستطيع دق المسامير إلا بالقوة؟
فقال رفاعة باهتمام جدي: ليس الإنسان كالخشب يا معلم .
وحدجه أبوه بنظرة فعاد إلى عمله. واستطرد حجازي قائلا: الحق أن جبل كان فتوة من أشد الفتوات الذين عرفتهم حارتنا، وكم حث آل جبل على الفتونة.
فقال فرحات مصححا: أراد منهم أن يكونوا فتوات على الحارة لا على آل جبل. - وما هم اليوم إلا فئران أو أرانب.
Halaman tidak diketahui