فلكزه البلقيطي في جنبه قائلا: لا تستهن بأشق المهن. كيف تخفي بيضة في جيب متفرج وتستخرجها من جيب آخر في الصف الذي يقابله؟ كيف تحول البلي إلى كتاكيت؟ كيف ترقص الحية؟
فقالت شفيقة التي بدت منورة بالسعادة: علمه يا أبي، إنه لم يعرف من الحياة إلا الجلوس على مقعد وثير في إدارة الوقف.
فقام البلقيطي وهو يقول: «جاء وقت العمل.» ثم دخل البيت. وراح جبل يتأمل زوجه بإعجاب ويقول: زوجة زقلط دونك في الملاحة ألف درجة، لكنها تقطع النهار على أريكة ناعمة، والأصيل في الحديقة تستنشق عبير الفل وتلهو بالمياه الجارية.
فقالت بسخرية ومرارة معا: هذا حال المتخمين بأرزاق الناس.
فهرش جانب رأسه متفكرا وقال: ولكن هنالك سبيلا إلى السعادة الشاملة. - لا تحلم، لم تكن حالما عندما نهضت للأخذ بيدي في السوق، ولم تكن حالما عندما طردت عني ذباب البشر؛ ولذلك دخلت قلبي.
فاشتاق أن يقبلها. ولم يهون من قيمة كلامها اقتناعه بأنه يعرف أكثر منها، وقال: أما أنا فأحببتك دون ما سبب. - في هذه الحواري من حولنا لا يحلم إلا المجانين. - ماذا تريدين مني يا حلوة؟ - أن تكون مثل أبي.
فتساءل معابثا: وهذه الحلاوة تقطر منك ما شأنها؟
فانفرجت شفتاها عن ابتسامة، وأسرعت أصابع يدها بين حبات العدس. - عندما فررت من الحارة كنت أشقى الناس جميعا، ولكن لولا ذلك ما تزوجتك!
فضحكت قائلة: نحن مدينان في سعادتنا لفتوات حارتك، كما يدين أبي في رزقه للحيات والثعابين.
فتنهد جبل قائلا: ومع ذلك فقد آمن خير من عرفته حارتنا من أبنائها بأنه يوجد سبيل يكفل الرزق للناس وهم في الحدائق يغنون. - رجعنا! ها هو ذا أبي قادم بجرابه، قم رعاك الله.
Halaman tidak diketahui