Ilusi Minda: Bacaan dalam 'Novum Organum' oleh Francis Bacon
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Genre-genre
وخصائصها، وكلها أوهام ينبغي التخلي عنها وشجبها، وتطهير العقل وتحريره منها، حتى لا يبقى ثمة إلا مدخل واحد إلى مملكة الإنسان، المدخل القائم على العلوم، مثلما أنه «لا مدخل إلى مملكة السماء إلا عبر طهارة الطفولة.»
41 (69) غير أن البراهين الزائفة هي حصون «الأوهام» ودفاعاتها، والبراهين التي لدينا في المنطق لا تعدو أن تخضع العالم وتسخره للأفكار البشرية، وتخضع الأفكار للألفاظ، ولكن البراهين هي نفسها - بمعنى ما - فلسفات وعلوم، فكيفما تكن البراهين سديدة أو واهية؛ تكن الفلسفات والتأملات المترتبة عليها، غير أن البراهين التي نستخدمها في العملية بأكملها التي تمضي من الحواس والأشياء إلى المبادئ والاستنتاجات هي براهين مغلوطة وواهية؛
42
فأولا: انطباعات هذه الحواس نفسها خاطئة؛ لأن الحواس تخذلنا وتخدعنا، ولا بد من أن نعالج الثغرات ونصحح الأخطاء. وثانيا: التصورات تستمد من انطباعات الحواس بطريقة غير قويمة، وهي ملتبسة ومشوشة؛ حيث ينبغي أن تكون محكمة ومحددة المعالم. وثالثا: الاستقراء الذي نستخدمه خاطئ؛ لأنه يقرر مبادئ العلم بناء على التعداد البسيط، ودون استخدام الاستبعاد والفصل أو التحليل الصحيح للطبيعة. وأخيرا: فإن طريقة الكشف والبرهان التي تبدأ بوضع المبادئ الأعم ثم تجعل منها محكا للمبادئ الوسطى فتختبر المبادئ الوسطى بمضاهاتها بالمبادئ العامة، هذه الطريقة هي أم الأخطاء، وهي كارثة كل العلوم، وإذا كنا الآن نمر على هذه الأشياء مرورا عابرا فسوف نعرض لها باستفاضة حين نتناول الطريقة الصحيحة لتفسير الطبيعة، بعد أن ننتهي من عملية تنقية العقل وتطهيره. (70) ولكن أفضل برهان على الإطلاق هو التجربة، شريطة أن يبقى ذلك لصيقا بالتجربة الفعلية، فمن المغالطة الامتداد بها إلى أشياء أخرى شبيهة في الظاهر ما لم يكن يتم هذا الاستدلال بطريقة منهجية حذرة، أما الطريقة التي يجري بها الناس التجارب
43
في الوقت الحالي فهي طريقة عمياء بلهاء؛ ومن ثم فإنهم يهيمون ويتخبطون دون أي مسار واضح، مرتهنين للمصادفات يتأدون منها هنا وهناك دون أن يحرزوا تقدما يذكر، وهم - بين رجاء حينا وتشتت حينا آخر - يجدون دائما بارقا جديدا يسعون نحوه؛ ذلك أن الناس في الأغلب يجرون تجاربهم بغير اكتراث ولا جدية، واضعين تنويعات ضئيلة على التجارب المعروفة بالفعل، فإذا لم تجبهم التجربة بشيء تبرموا بها وأقلعوا عن المحاولة، وحتى عندما يكبون على عملهم بجد وكد ومثابرة فإنهم يهدرون وقتهم في سبر موضوع واحد معين، كشأن جلبرت مع المغناطيس، وشأن الخيميائيين مع الذهب، مثل هذا المسلك لا ينم فحسب على غياب المهارة بل أيضا على غياب الرؤية: فما كان لأحد أن ينجح في كشف طبيعة شيء ما بالنظر إلى الشيء وحده، بل لا بد للبحث من أن يكون نطاقه أوسع ومجال رؤيته أعم.
وحتى عندما يشيد الناس نوعا ما من العلم والنظرية على التجارب، فإنهم - في الأغلب - يهرعون بحماس أهوج إلى التطبيق العملي، لا لكي يجنوا منها ثمارا مرتقبة فحسب، بل لكي يجدوا توكيدا في شكل نتاج جديد بأن سعيهم جدير بالمواصلة ولن يكون مضيعة للوقت، بالإضافة إلى توطيد شهرتهم واكتساب صيت جيد لمجال عملهم. «هم إذا أشبه بأتالانتا
Atalanta
يتركون طريقهم لكي يلتقطوا التفاحة الذهبية فيقطعون العدو ويفوتهم الفوز.» إنما علينا - في دأبنا على الطريق الصحيح للتجربة ومواصلته لبلوغ نتائج جديدة - أن نقتدي بالحكمة والتدبير الإلهيين: ففي اليوم الأول للخلق اكتفى الرب بخلق النور وكرس يوما كاملا لهذا العمل، ولم يخلق أي شيء مادي في ذلك اليوم، نحن أيضا علينا أولا أن نحاول - بشتى ضروب التجارب - أن نكتشف العلل والمبادئ (القوانين) الحقيقية، وأن نلتمس التجارب التي تقدم النور لا الأثمار، فما إن يتم اكتشاف المبادئ وصياغتها على نحو صحيح حتى تقدم للممارسة عونا هائلا لا محدودا، وتجر وراءها أرتالا غفيرة من النتائج، وسوف نعرض لاحقا لطرق التجربة التي سدت وقطعت مثلما سدت طرق الحكم؛ فأنا لم أقل حتى الآن إلا أن البحث التجريبي المعتاد هو نوع رديء من البرهان، غير أن المقام يقتضيني أن أضيف شيئا ما عن العلامات التي سبق ذكرها والتي تشير إلى أن الفلسفات والملاحظات المستخدمة الآن عاجزة، وعن أسباب ما يبدو للوهلة الأولى عجيبا لا يصدق، فمعرفة هذه العلامات الخارجية تمهد للتصديق، وتفسير الأسباب يزيل العجب، وهذان الشيئان مفيدان غاية الفائدة في تطهير الذهن من الأوهام بسهولة ويسر. (77) نعرض الآن للرأي الشائع القائل بأن هناك شبه إجماع على فلسفة أرسطو؛ حيث إنه عقب ذيوعها توارت الفلسفات الأقدم وطواها النسيان، ثم لم يكتشف في الأزمنة اللاحقة شيء أفضل منها؛ ومن ثم بات مؤكدا ومقررا أنها بسطت ظلها على العصرين معا، ردا على ذلك أقول أولا: إن القول بأن الفلسفات القديمة انتهت عقب صدور فلسفة أرسطو هو قول خاطئ؛ فقد عاشت أعمال الفلاسفة القديمة طويلا بعد ذلك، وظلت قائمة حتى زمن شيشرون والقرون التالية له، الخطب أنه في زمن لاحق، عندما تحطمت سفينة المعرفة البشرية - إن صح التعبير - إثر طوفان البرابرة الذي غمر الإمبراطورية الرومانية، هنالك كانت فلسفة أرسطو وأفلاطون أشبه بألواح أخف وزنا وأقل صلابة، فظلت طافية فوق أمواج الزمن وكتبت لها النجاة. ثانيا: مسألة الإجماع هي أيضا خادعة ولا تصمد للتمحيص؛ فالإجماع الحقيقي هو ذلك الذي ينطلق من أحكام حرة تلتقي جميعا - بعد فحص المسألة - في نقطة واحدة، ولكن الغالبية العظمى من الذين قبلوا فلسفة أرسطو قد ارتهنوا أنفسهم لها من خلال الحكم المسبق وسلطة الآخرين . الأمر إذا أقرب إلى الاتباع والتحزب منه إلى الاتفاق، وحتى لو كان اتفاقا حقيقيا وعريضا فمن الخطأ الذريع أن نعده تأييدا صادقا وصلبا ، ذلك الاتفاق الذي يتضمن قرينة قوية إلى العكس، فبئس الدليل الإجماع في المسائل الفكرية (باستثناء الأمور الإلهية والسياسية حيث يحق للاقتراع أن يقرر)، فلا شيء أثلج لصدور الطغام من ذلك الذي يفتن الخيال ويوثق العقل في أغلال الآراء الشائعة كما لاحظنا آنفا. وما أجدرنا إذا أن نستعير قول فوشيون
44
Halaman tidak diketahui