Augustinus: Pengenalan Ringkas Sangat
أوغسطينوس: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
وهنالك تتكشف القيم الأخلاقية أو «موضوعات حب» مجتمع ما أمام الناظرين.
لقد رأى أفلوطين من قبل أوغسطينوس بالفعل علة شر واحدة في فساد الإرادة الرافضة للخيرات «الداخلية» (أي غير المادية) وتفضيل الخيرات الخارجية والدونية. بالنسبة إلى أوغسطينوس، تكمن معضلة الإنسان في أنه عندما يرى ما ينبغي عليه عمله، يجد أن إرادته أضعف من أن تحمله على تنفيذ ما عليه عمله. إن الإرادة حقا مهيأة لاتخاذ القرار، لكن الخيارات المفضلة تميل إلى كل ما هو مريح وممتع أيا كان؛ ومن هنا تنشأ مشكلة طبيعة الإنسان نفسها التي لا تكل ولا تمل في سعيها الدائم عن السعادة في أماكن يتعذر العثور عليها فيها، وهو يعلم أنه ليس سقيم القلب وحسب، بل هو السبب الفعلي في سقمه (الاعترافات، الكتاب العاشر).
الفصل السادس
الاعترافات
خشي أسقف هيبو العجوز، الذي رسم أوغسطينوس كاهنا، من أن تستقطب أي كنيسة أخرى الأخير ليكون أسقفها؛ ولذلك أقنع رئيس أساقفة نوميديا بأن يرسم أوغسطينوس مساعدا لأسقف هيبو. ولقد أحاط بتعيينه في هذا المنصب (غير التقليدي في الشريعة الكنسية) جدل كبير؛ فمزيج ماضي أوغسطينوس المانوي وبراعته الشديدة ساعد على الارتياب فيه؛ فهيبو ليست بالمدينة التي يطالع أهلها الكتب، ولم تكن نوميديا إقليما تتوقع أبرشياته أن يحتل مقعد الأسقف فيها عبقري (ذكر أوغسطينوس أن الأساقفة الأميين كانوا محط السخرية المفضل لأنصاف المتعلمين: «تلقين غير المتعلمين»). وأثار وجود أوغسطينوس المخاوف؛ فقد كان معروفا بهيبته في تفنيد خصومه في المناظرات العامة. ولم يؤمن البعض إيمانا لا يداخله شك بصدق هدايته في ميلانو.
خلال السنوات الثلاث الأولى له كأسقف، ألف أوغسطينوس تحفته الأدبية «الاعترافات» (وهي الكلمة التي تحمل في طياتها معنيين: الثناء والتوبة). والمؤلف شعري-نثري يقع في ثلاثة عشر كتابا على هيئة رسالة إلى الرب، ويعتبر تعديلا عميقا ل «مناجاة النفس» الأفلاطونية الحديثة التي انخرط فيها أوغسطينوس مع العقل في حوار. وبقدر ما كان يحوي هذا العمل في طياته غاية جدلية؛ فقد وجهه أوغسطينوس ضد المانويين. وهناك تلميحات سوداوية لنقاد متشددين للتفسير الإنجيلي لأوغسطينوس ينتمون إلى الكنيسة الكاثوليكية، لكنه لم يحددهم قط. ولم يكن للدوناتيين الانشقاقيين سوى دور ثانوي جدا في المسرحية كلها.
كتب أوغسطينوس الكتب التسعة الأولى على هيئة سيرة ذاتية وصولا إلى الفترة التي ماتت فيها مونيكا. والكتاب التاسع تحديدا يتناولها ويتناول علاقته بها بقدر ما يتناول تطور عقله. ولا تصف الكتب الأربعة الأخيرة المخاوف الماضية، بل الحاضرة التي خطرت بباله كأسقف ومفسر للكتاب المقدس، وتتألف من تحليلات أفلاطونية حداثية للذاكرة والزمن والخلق، وأخيرا إنجاز عظيم ممثل في تفسير دقيق لسفر التكوين 1، فسر على أنه مجاز عن طبيعة الكنيسة والإنجيل والأسرار المقدسة. وتوضح الأقسام الذاتية الطابع أطروحة ذكرتها مجددا في قالب أكثر لاهوتية الكتب الأربعة الأخيرة؛ ألا وهي أن المخلوق العقلاني انصرف عن الرب بإهماله؛ حيث فضل الأشياء الخارجية ووهم أن السعادة تكمن في الإشباع الجسدي؛ ولذا فإن الروح تهبط إلى ما دون مستواها وتتفكك، كالابن الضال الذي انتهى به الأمر إلى أن يقتات على روث البهائم. لكن في أعمق هاوية للأنا («الذاكرة» هي الكلمة التي يستخدمها أوغسطينوس إشارة إلى أي شيء ليس ضمن قائمة أولويات الفكر)، تستبقي الروح اشتياقا لإعادة الاندماج والكمال. ويتحقق ذلك في حب الرب، ونموذج المسيح كوسيط ومعلن عن ذاك الحب. لقد خلقنا الرب لذاته، والقلب لا يهدأ أبدا حتى يجد راحته فيه.
تقص «الاعترافات» هداية أوغسطينوس إلى المسيحية، ويحكى المشهد الذي وقع في بستان ميلانو بتنوع غني من الأصداء الأدبية. وتثبت المقارنة النقدية بمحاورات كاسيكياكوم التي كتبت لاحقا أن استعادة الأحداث اللاحقة ل «الاعترافات» تطرح قصة موثوقة، رغم أنها مكسوة بكساء شبه شعري. ولأول وهلة نجد أن ثمة تباينا ما بين «الاعترافات» العاصفة الانفعالية والمناخ الاستفساري الهادئ لمحاورات كاسيكياكوم. ولقد لفت أوغسطينوس نفسه الانتباه أولا إلى الفارق في المزاج بين الاثنين، ملاحظا أنه وجد النبرة الحضرية لمحاورات كاسيكياكوم علمانية وأكاديمية في روحها بشكل مبالغ فيه. ومن العبث القول بأن نصوص كاسيكياكوم أكثر أفلاطونية من «الاعترافات»؛ حيث أثر أفلوطين وفرفوريوس لا يقل انتشارا وتفشيا بشكل واضح. لكن ثلاث عشرة سنة مرت، وأمسى الآن أوغسطينوس مسئولا عن نقل الكلمة والأسرار المقدسة إلى الناس. وتبين «الاعترافات» انشغالا أعمق بالقديس بولس.
بات أوغسطينوس مقتنعا بأن الصراع الأخلاقي الداخلي الوارد في رسالة أهل رومية السابعة لم يكن فحسب تصويرا مجسدا للإنسان الذي لم ينعم بعد بعفو الرب وآلائه، بل كان تصويرا ذاتيا لبولس بعقله المشتت الذي يشبه عقله بشكل استثنائي. لقد أمسى الإنسان، أعظم خلق الرب على الأرض، والمخلوق الذي وهبه الرب ذكاء وقدرات غير عادية للتآزر الاجتماعي؛ غير اجتماعي بفعل الفساد الداخلي (مدينة الله)، وانحراف الإرادة عن جادة الصواب والوقوع اللاحق في أسر عادة خبيثة. في كون يتسم بأسمى درجات النظام والجمال، تبدو الإنسانية وأنانيتها النغمة الشاذة. ويتجلى اعتلال القلب البشري في ذاك الجزء من الثانية من المتعة السرية الفاضحة عندما يعرف الإنسان بأزمة أخيه الإنسان، أو في الرغبة بإتيان شيء محرم لا لأنه ممتع في حد ذاته؛ بل لأنه محرم، وهي الحقيقة التي شدد عليها أوغسطينوس بقصة انحرافه عن جادة الصواب في مراهقته وسرقته للكمثرى، لا لأنه كان يعشقها؛ بل لأن التجربة بالنسبة إليه كانت مغامرة مخالفة للقانون، في إعادة تمثيل لحبة الفاكهة التي اقتطفها آدم وحواء. لقد اعتبر قصته قصة كل البشر.
شكل 6-1: القديس أوغسطينوس في «عالم التباين» من مخطوطة ترجع للقرن الخامس عشر بمكتبة لورينتيان، فلورنسا.
Halaman tidak diketahui