3
هذه سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة من الهجرة، والمنصور بن أبي عامر يعزم على غزو «جليقية» في أقصى الشمال والغرب وهو مريض، ولكنه كما قال أبو الطيب:
وقد علمت خيله أنه
إذا هم - وهو عليل - ركب
وسار من «طليطلة» إلى «قشتيلة»، فأبعد الغارات فيها، ودوخ بلاد «شانجة» زعيم الأمراء المناوئين هناك.
وازداد بالبطل مرضه «فاتخذ له سرير خشب، ودع عليه أعضاءه، وسوى مهاده، متطاول الشكل، يمكنه الاضطجاع عليه متى خارت قواه، وكان يحمل سريره على أعناق الرجال، وسجفه منسدل عليه، وعساكره تحف به وتطيع أمره،
1
وكانت تحمل سريره السودان الرقاصة؛ للين مشيهم. بذلك قطع أربعة عشر يوما حتى وصل إلى مدينة سالم.»
2
المنصور في قصره من «مدينة سالم» قد استولى على الأمد من مجده، وأوفى على الغاية من عمره، ينظر إلى الحوادث الجسام قد اتخذها درجا إلى المعالي، ويتمثل الزمان رخاءه وشدته، وسلمه وحربه، ويرى الأندلس كلها وأصقاعا من المغرب طوع حكمه، وتحت أمره، ويشفق من تبعات هذا التاريخ المتطاول، وأعباء هذا السلطان العظيم، ويرى كل شيء وراءه، ولا يرى أمامه إلا الموت، يقول:
Halaman tidak diketahui