Atwal
الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم
Genre-genre
كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبي بن سلول يقول: لا تنفقوا علي من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولو رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فحدثته فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا أنهم ما قالوا فكذبني رسول الله- عليه السلام- وصدقهم فأصابني هم لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومقتك، فأنزل الله إذا جاءك المنافقون فبعث إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقرأ علي فقال: «إن الله صدقك يا زيد» (¬1).
هذا ولا يخفى أنه تأويل فيه بعد، وقريب منه ما يمكن أن يقال: إنه راجع إلى قولهم: ليخرجن الأعز منها الأذل، فيكون قوله ولله العزة ولرسوله (¬2) مؤكدا له، وذكر بعض الأفاضل: أن المعنى أنهم قوم عادتهم الكذب، وإن صدقوا في هذا القول، فلا تعتمد عليهم ولا تصدقهم فيما يقولون، ونحن نقول:
يحتمل أن يكون المراد- والله تعالى أعلم- أن قول المنافقين نشهد إنك لرسول الله (¬3) مفيد بحضورك، وحضور أهل الإسلام، وأما في الخلوة مع شياطينهم فحالهم خلاف ذلك، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون (¬4) فيما ينافقون ويضمرونه في أنفسهم، ولهذا أعاد الظاهر ليعلق لكذب بصريح المنافقين لا بضميرهم ، ليكون ظاهرا في رجوعه إلى ضميرهم، ويحتمل أن يكون الكذب راجعا إلى خبر يستفاد من كثرة التأكيد، أي هذا حكم في معرض المبالغة في إنكاره فيحتاج إلى كثرة التأكيد، ومن شواهد ضعف تمسك النظام ما يتجه عليه: أن الآية لا توجب جعل صدق الخبر خلاف ما عليه الجمهور، بل جعل صدق المتكلم تكلمه بما يوافق اعتقاده، وكذبه تكلمه بما لا يطابقه.
Halaman 219