ثم ذكر سبب عناية الله به وتعليمه بقوله: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف:٣٧-٤٠] .
إذًا فسبب الولاية هو التوحيد الخالص، الذي ترتكز عليه الحنيفية ملة إبراهيم ﵇. فيوسف ﵇ لازم ملة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فأتم الله نعمته عليه كما أتمها عليهم.
وكذلك كل من جاء بعدهم عليهم إذا أرادوا ولاية الله، أن يأتوا أولًا وقبل كل شيء بالحنيفية التي لا يلابسها شائبة من الشرك، بين الله ذلك أتم البيان حيث أخبر أن إبراهيم ﵇ إنما حاز على تلك المرتبة العالية من الولاية بكمال توحيده، ثم أمر النبي محمدًا ﷺ باتباعه في ذلك فقال: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا