وَفِيه أَيْضا الْحق مَعَ ابْن عبد السَّلَام لَا مَعَ ابْن الصّلاح بل قد وجد مِنْهُ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة تحامل كثير على ابْن عبد السَّلَام لَيْسَ مِنْهُ فِي مَحَله وَمن ثُمَّ اضْطربَ كَلَامه وَاخْتلف فَتَاوَاهُ وَلم يثبت فِي ذَلِكَ على شَيْء وَاحِد بل وَافق ابْن عبد السَّلَام فِي بعض فَتَاوَاهُ ثُمَّ رَجَعَ لما تفاقم الْأَمر بَينهمَا وَاشْتَدَّ. وَلَقَد انصف الْعِزّ الْعلمَاء فِي عصرهما وَمن بعدهمَا فَشَهِدُوا لَهُ بِأَنَّهُ على الْحق وَإِن مخالفه غالط فِي جَمِيع مَا أبدأه وانتحله حَتَّى أخص جمَاعَة ابْن الصّلاح وتلامذته وَهُوَ الْعَالم الْكَبِير والحافظ الشهير الشَّيْخ أَبُو شامة الْمُقْرِئ الْمُحدث فَإِنَّهُ تعجب مِمَّا قَالَه شَيْخه ابْن الصّلاح وَبَالغ فِي تغليطه وإنكاره وَذكر الإِمَام الْمُجْتَهد تَقِيّ الدَّين بْن دَقِيق الْعِيد فِي شرح الْعُمْدَة أَن بعض الْمَالِكِيَّة مر على قوم فِي إِحْدَى ليَالِي الرغائب وهم يصلونها وَقوم آخَرين عاكفين على محرم فَحسن حَال هَؤُلَاءِ على أُولَئِكَ لآن هَؤُلَاءِ عالمون بارتكاب الْمعْصِيَة وترجى لَهُم التَّوْبَة وَأُولَئِكَ يَعْتَقِدُونَ أَنهم فِي طَاعَة فَلَا يتوبون. انْتهى.
وَفِيه أَيْضا أَن ابْن الصّلاح أفتى مرّة عَن سُؤال صورته، مَا تَقول السَّادة الْفُقَهَاء الْأَئِمَّة فِي الصَّلَاة المدعوة بِصَلَاة الرغائب هَل هِيَ بِدعَة أم لَا، وَهل ورد فِيهَا حَدِيث صَحِيح أم لَا؟ فَأجَاب بقوله: حَدِيثهَا مَوْضُوع، وَهِي بِدعَة حدثت بعد الأربعمائة من الْهِجْرَة ظَهرت بِالشَّام وانتشرت فِي سَائِر الْبِلَاد، وَلَا بَأْس أَن يُصليهَا الْإِنْسَان بِنَاء على أَن الْإِحْيَاء فِي مَا بَين العشاءين مُسْتَحبّ كل لَيْلَة وَلَا بَأْس بِالْجَمَاعَة بالنوافل مُطلقًا واتخاذ هَذِه الصَّلَاة من شَعَائِر الدَّين الظَّاهِرَة من الْبدع الْمُنكرَة مَا أسْرع النَّاس إِلَى الْبدع انْتهى. وَأفْتى مرّة أَيْضا بِنَحْوِ ذَلِك، فَإِنَّهُ سُئِلَ مَا تَقولُونَ فِيمَن يُنكر على من يصلى صَلَاة الرغائب وَنصف شعْبَان وَيَقُول إِن الزَّيْت الَّذِي يسْتَعْمل فيهمَا أَي فِي نَحْو مَسْجِد الْقُدس وَالْجَامِع الْأَزْهَر
1 / 71