Kesan Arab dalam Tamadun Eropah
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
Genre-genre
وانبثقت من تجاوب هذه القوى مواهب الإبداع والتجديد، ووصل من الشرق الحرير والقطن والقهوة والورق والليمون والبرتقال والرمان والسكر مع هؤلاء الوافدين، كما وصلت السجاجيد والمنسوجات والبارود والمعادن المنقوشة، وأخذنا عنه الحساب العشري والجبر والكيمياء والطب وعلم الفلك والشعر المقفى.
ونجا الفلاسفة الإغريق من الضياع في غمرة النسيان؛ حيث تبعوا العربي في فتوحه وغزواته، فتربع أرسطو في جامعة قرطبة التي ذاعت شهرتها في الآفاق، وظهرت بين العرب الأندلسيين فكرة الفروسية التي تبناها فيما بعد رجال الشمال كأنها ميزة مقصورة على الأمم المسيحية.
وبينما كانت شعوب الفرنجة والسكسون والجرمان يعيشون في الأكواخ، ويعتلي ملوكهم وأشرافهم قمم الصخور في القلاع المظلمة، ومن حولهم رجالهم هم عالة عليهم يلبسون الزرد، ويأكلون طعام الإنسان الأول قبل التاريخ، كان العرب الأندلسيون يشيدون قصورهم القوراء، ويرودون الحمامات كما كان سراة رومة يرودونها من قبل للمساجلة في مسائل العلم والأدب، وتناشد الأشعار، وتناقل الأخبار.
وكلما آنس راهب من نفسه رغبة في العلم اختلف إلى الجامعات العربية أو المجامع الإسرائيلية في إسبانيا، ووقر في أخلاد الملوك والأمراء أنهم مبرءون من أمراضهم لا محالة إذا أسعدهم الحظ بطبيب إسباني، مهما يكلفهم ذلك.
ثم انفصل العنصر الوطني عن الغزاة، وتجمعت القوميات المسيحية الصغيرة؛ فاشتبك العرب والإسبان في حروب سجال لا تنتهي إلى الإبادة والاستئصال بعد الانتصار، وأضمر كل منهم لصاحبه احتراما عميقا، فهو يعاهده على فترة طويلة من فترات السلم كأنما يحاولون بذلك تأجيل تلك اللحظة التي يحم فيها الفراق الأخير، ويعاونه خلال ذلك في بعض الأعمال التي تفتقر إلى اشتراك الجهود.
ولقد عمت الحرية في ذلك العهد أقاليم إسبانيا المسيحية نفسها قبل أوروبا الشمالية بزمن طويل، واستقلت بتنظيم أمورها المالية، وجعلت الملك أو الأمير بمقام رتبته العسكرية، وأصبحت المقاطعات كالجمهوريات الصغيرة التي يتولاها حكامها المنتخبون.
وكان المتطوعون في المدن قدوة مثلى للجيوش الديمقراطية، وكانت الكنيسة المسيحية وهي على اتصال بالشعب تعيش بسلام في جوار الأديان المختلفة، ونجمت في الأمة طبقة وسطى فعالة، فأبدعت الصناعات المتعددة، وأنشأت على السواحل أعظم قوة بحرية في زمانها، وراجت المنتجات الإسبانية في جميع المرافئ الأوروبية، وقامت في البلاد مدن تضارع في تعداد سكانها الحواضر الحديثة، واختصت بعض القرى بمعامل النسيج، ووزعت الأرض في شبه الجزيرة بأسرها.
وقد ارتقى العرش ملوك الكثلكة في الوقت الذي بلغت فيه القوى الوطنية أوجها، وإنما يرجع طول ملكهم إلى موارد القرون الوسطى الفياضة بالإبداع، المخزونة في ودائع العصور السابقة.
إلا أنه كان ملكا مشئوما بغيض العواقب؛ لأنه حاد بالسياسة الإسبانية عن سواء السبيل، فاندفع بإسبانيا إلى التعصب الممقوت، ونفخ فينا نزعة التوسع في الاستعمار.
كانت إسبانيا يومئذ تتبوأ المكانة التي تتبوأها إنجلترا في عهدنا الحاضر، ولو أنها اتبعت سياسة التسامح الديني والتعاون بين الشعوب، وواصلت عمل العرب الصناعي والزراعي بدلا من مغامرات الحرب، ومطامع الاستعمار؛ لكان لنا اليوم شأن غير شأننا الذي وصلنا إليه.
Halaman tidak diketahui