Kesan Arab dalam Tamadun Eropah
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
Genre-genre
فالشعوب التي دخلت عباداتها الدينية الأولى من أمثال هذه الشعائر لم تخلق فيها فرصة لتطوير فن التمثيل على هذا المنوال، وربما كان في المجتمع العربي سبب آخر من الأسباب التي حالت دون تطور التمثيل من أصل اجتماعي غير أصول العبادات؛ فإن التمثيل بعض الفنون التي ترتبط بالحياة الاجتماعية أوثق ارتباط، ولا يعقل التمثيل في بيئة لم تتعدد فيها أدوار الحياة الاجتماعية على حسب اختلاف الأعمال والصناعات والمشارب والطبقات، فإنما يقوم التمثيل من الناحية الاجتماعية على التجاوب بين الأفراد والأسر كلما تعددت العلاقات، وتنوعت المطامع والنزعات، ولم يكن في مجتمع البداوة مجال كبير لهذا التجاوب الكثير بين أسرة وأسرة، وبين إنسان وإنسان، وما كان من ذاك قائما في حياتهم البدوية أو حياتهم الحضرية، فقد وجد الكفاية للتعبير عنه في القصائد والأغاني، وألعاب الفروسية، وضروب المساجلات والمفاخرات التي تتفق لهم من حين إلى حين.
أما التصوير فقد قيلت في تعليل نقصه عند العرب أقوال شتى لا تستند إلى رأي جدير بالإقناع، ومنها أن قلة التصوير من قلة الإحساس، أو قلة انطباع المحسوسات في النفس بتلك القوة التي تفيض عنها، فتلتمس لها مخرجا بالتمثيل والتجسيم.
ولما قيل: إن التصوير لم يبلغ مداه من التوسع والارتقاء في الحضارة العربية لأسباب دينية، قال المتهمون للقريحة السامية: إن تحريم الصور والأنصاب إنما هو نتيجة لضيق الحظيرة، ونضوب الحس، وليس هو بالسبب الأصيل لإعراض العرب عن رسم الصور ونحت التماثيل.
قالوا: ولولا انقطاع التعاطف الحي بين العربي وبين الحيوان لما صدف عن تشبيه الأحياء وتصويرها في الأبنية والأوراق كما صنع أبناء الأمم الأخرى في الشرق القديم.
ولكن الصحيح الذي ينساه أصحاب هذه الأقاويل، أن الشعوب الأخرى لا تعرف تعاطفا حيا بين الإنسان والخلائق الحية التي تلازمه أوثق ولا أكرم من التعاطف الذي كان بين العربي والجواد أو الناقة، أو كلب الصيد، أو ظباء الفلاة ومهاها وطيورها وسائر حيواناتها. وقلما نظم شاعر عربي في عهد البداوة قصيدة من الشعر إلا استهلها بوصف محبوب، أو وصف جمل أو ناقة وصف جواد كريم.
ولم يشبه الشعراء في أمة من الأمم القديمة جمال الأحباب والحسان بجمال المها والظباء كما فعل شعراء العرب الأسبقون ومن اقتدى بهم من الشعراء اللاحقين، وهذا ولا شك إحساس نافذ قد وجد سبيله إلى التعبير بفن من الفنون الميسورة لأبناء الصحراء؛ إذ ليس التصوير وحده وسيلة للتعبير عن الإحساس، ولا سيما التعبير في بيئة بدوية تمتنع فيها أدوات التصوير.
وجدير بالذكر في معرض الكلام على تحريم الصور، أن هذا التحريم قد دان به أناس كثيرون في آسيا الصغرى، واشتهرت به طائفة كبيرة من طوائف الكنيسة الرومانية الشرقية عرفت باسم محطمي الأصنام أو الأيقونات
Iconoclast ، وكانت دعوتها في القرن السابع مقدمة لانفصال الكنيسة الشرقية عن الكنيسة الغربية. ولم تخل الكنيسة الغربية بعد هذا الانفصال من أتباع أشداء يدينون بمذهب أولئك المحرمين. ولولا احتضان المعابد لفن النحت والتصوير لكان من المشكوك فيه أن تفي المطالب الاجتماعية وحدها في أقطار أوروبا بحاجة هذين الفنين، وحاجة المشتغلين بهما من نوابغ المصورين والمثالين.
ويجوز أن يقال في هذا الصدد: إن الفرق بين العرب والأوروبيين في تطور النحت والتصوير إنما هو فرق بين تخطيط المسجد وتخطيط الكنيسة كما توحيه العقيدتان.
فلم يكن في هذا الإسلام محل للوسطاء بين الله والإنسان، وليس فيه من ثم محل لأسرار الكهانة ومحاريبها، ولا لتجسيم الإله والقديسين، وليس بالمنظور من العبادة الإسلامية - مع هذا الاعتقاد - أن تحتضن الفنون التي تزخرف المعابد بالصور والتماثيل، وليس أفعل في تشجيع الفنون من رعاية المعبد وغيرة العقيدة، وهما قد فعلا في ترقية فن البناء بين المسلمين ما فعلته الرغبة في تمجيد القديسين من ترقية النحت والتصوير بين الأوروبيين.
Halaman tidak diketahui