Athar Bilad
آثار البلاد وأخبار العباد
Penerbit
دار صادر
Lokasi Penerbit
بيروت
حلب
مدينة عظيمة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة التربة. لها سور حصين وقلعة حصينة. قال الزجاجي: كان الخليل، ﵇، يحلب غنمه بها ويتصدق بلبنها يوم الجمعة فيقول الفقراء: حلب، فسميت بذلك، ولقد خص الله تعالى هذه المدينة ببركة عظيمة من حيث يزرع في أرضها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكرم والمشمش والتفاح والتين عذيًا يسقى بماء المطر، فياتي غضًا رويًا يفوق ما يسقى بالسيح في غيرها من البلاد؛ قال كشاجم:
أرتك يد الغيث آثارها ... وأخرجت الأرض أزهارها
وما منعت جارها بلدةٌ ... كما منعت حلبٌ جارها
هي الخلد يجمع ما تشتهي ... فزرها، فطوبى لمن زارها
والمدينة مسورة بحجر أسود، وفي جانب السور قلعة حصينة لأن المدينة في وطاء من الأرض. وفي وسطها جبل مدور مهندم والقلعة عليه. ولها خندق عظيم وصل حفره إلى الماء، وفي وسطه مصانع للماء المعين وجامع وبساتين وميدان ودور كثيرة، وفيها مقامان للخليل، ﵇، يزاران إلى الآن. وفيها مغارة كان يجمع الخليل فيها غنمه. وفي المدينة مدارس ومشاهد وبيع، وأهلها سنية وشيعية.
وبها حجر بظاهر باب اليهود على الطريق، ينذر له ويصب عليه الماورد المسلمون واليهود والنصارى؛ يقولون: تحته قبر نبي من الأنبياء، وفي مدرسة الحلاوى حجر على طرف بركتها كأنه سرير، ووسطه منقور قليلًا يعتقد الفرنج فيه اعتقادًا عظيمًا، وبذلوا فيه أموالًا فلم يجابوا إليه.
ومن عجائبها سوق الزجاج، فإن الإنسان إذا اجتاز بها لا يريد أن يفارقها،
1 / 183