Athar al-Ikhtilaf fi al-Qawa'id al-Usuliyya fi Ikhtilaf al-Fuqaha

Muhammad Hassan Abdul Ghafar d. Unknown
80

Athar al-Ikhtilaf fi al-Qawa'id al-Usuliyya fi Ikhtilaf al-Fuqaha

أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء

Genre-genre

أهمية تطبيق علم الأصول على الفروع الفقهية أعلم الدكاترة الذين تخصصهم في الأصول لا يعرفون كيف يطبقون الأصول على الفقه، والفقيه العاري عن الأصول ليس بفقيه، فلا ينبغي أن تأخذ منه فقهًا؛ لأنه لن يستطيع أن ينظم الفقه، فهو مقلد يحفظ فروعًا يلقيها على مستمعيه فحسب، ولذا لا بد أن يُعلم أن الإتقان في هذه المسائل سيما دلالة الإيماء ودلالة الإشارة هو الذي يفرق بين عالم وآخر، فمفهوم الإشارة هو مقصود الكلام، إذ المتكلم لا يقصد ما فهمته أنت، كقول النبي ﷺ مثلا (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب بلب الرجل منكن قالوا: وما نقصان عقلها يا رسول الله؟ قال: أليست لا تصلي ولا تصوم في الحيض؟)، فقد اكتشف بعض العلماء منها مع بعض الروايات الأخرى بالإشارة -أن أقل مدة طهر تكون ثمانية عشر يوما، أو أكثر مدة حيض تكون خمسة عشر يوما، مع أن سياق الحديث لم يذكر: لا أقل ولا أكثر، وإنما فهم منه بعد الاستنباط والنظر، إذ هو الذي يبين الفرق بين العلماء، ويذكر أن الشافعي ذهب ضيفًا عند الإمام أحمد بن حنبل فأثقل عليه العشاء وأكل كثيرا، ثم نام أحمد وقام يأخذ قسطه من الليل، بينما ظل الشافعي في مكانه متيقظًا فلم ينم ولم يصل من الليل شيئا، فلما بزغ الفجر قام الشافعي يصلي الفجر من غير أن يتوضأ، فاندهشت بنت الإمام أحمد وقالت: يا أبت! أهذا الشافعي شيخك؟! قال: نعم! هو الشافعي شيخي. قالت: أخذت عليه ثلاثًا. قال: هاتها. قالت: يأكل كثيرًا -وهذه ليست سمة العلماء الأتقياء- وينام كثيرًا، ويصلي بغير وضوء، وكأنها تقول: أي علم عند الشافعي وهو يأكل كثيرا فهمه البطن لا العقل، وهذه طبعا لا تكون دأب العلماء فهم لا يفعلون ذلك؛ لأن الطعام الكثير يضغط على المعدة، فمن أكل كثيرًا اشتهى كثيرًا فجامع كثيرًا ولم يقرأ من العلم شيئًا، كما أنه ينام كثيرًا، ولم يكن له من الليل شيء يأخذه ليستقبل ربه سحرًا، ثم صلى الشافعي بغير وضوء، وحكم ومن يصلي بغير وضوء وهو يعلم أنه بغير وضوء وفعل ذلك مستهزئًا الكفر. وجريًا على القاعدة التي ذكرناها -أي: أنه لا يتجرأ على التكفير إلا جريء- فإنه لا يكفر عينًا، وإنما يقال: عمله عمل كفر. فلما عرف ذلك اندهش الإمام أحمد وقال: يا إمام! ابنتي قالت فيك كذا وكذا، فقال الشافعي -حتى يزيل الدهشة عن الإمام وهذا هو الشاهد-: أما وقد أكلت كثيرًا: فإني وجدت طعاما طيبًا مباركا من الحلال فقلت: أكثر من الحلال يغنيني الله جل في علاه فأكثرت منه، وأما النوم كثيرا: فإني ما نمت لحظة من الليل، بل جلست على أريكتك هذه أفكر في حديث النبي ﷺ (يا أبا عمير ما فعل النغير) فاستنبطت منه نيف ومائة مسألة. أو قال أكثر من مائة وعشرين مسألة، فاندهش الإمام أحمد وقال: هذه التي لا نستطيعها؛ لأن هذه محل فضل العلماء، ولذلك قال عمر بن الخطاب ﵁: نعوذ بالله من قضية وليس فيها أبو الحسن يريد عليًا بن أبي طالب ﵁ وأرضاه؛ لشدة علمه، فقالوا لـ علي: خصك النبي بعلمه؟ فقال: والله ما خصنا النبي ﷺ نحن أهل البيت بشيء، إلا فهما يؤتيه الله من يشاء في كتابه، فالفهم هو الذي يفصل بين عالم وآخر، فلا بد من الأصولي الذي يتعلم الأصول، ثم يتبعه بالتطبيق ويتدرب على المسائل العملية، فيحرر محل النزاع، ويدرك وجوه الاختلاف والترجيح.

6 / 16