Athar al-Ikhtilaf fi al-Qawa'id al-Usuliyya fi Ikhtilaf al-Fuqaha
أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء
Genre-genre
القول الراجح وأدلته
المفهوم حجة، وتقدم أن الأدلة الكثيرة فهم النبي ﷺ ذلك، كقوله تعالى: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ [التوبة:٨٠]، إذ قال النبي ﷺ بعد نزولها: (سأزيد عن السبعين)، فوجه الدلالة التي استدل بها النبي ﷺ لنبين أنه فهم قول الله بمفهوم المخالفة: إذ أن في الآية مفهوم العدد والمعنى: لا تستغفر السبعين، فمفهوم العدد: أنه لو استغفر أكثر من سبعين فقد يغفر الله لهم.
ومن الأدلة أيضًا: فهم الصحابة ﵃، ومنهم عمر بن الخطاب ﵁، وذلك عند قوله تعالى: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء:١٠١].
ومن الأدلة على حجية مفهوم المخالفة: أخذ أئمة اللغة كـ ابن سلام به، والشافعي كذلك وهو من أئمة اللغة، وقد قال بمفهوم المخالفة.
والدليل حديث: (إنما الماء من الماء) أي: لا يمكن الاغتسال إلا بالإنزال، فإذا لم يكن الإنزال فلا اغتسال فقلنا لهم: المفهوم حجة وبينا ذلك.
إذا علم أن الراجح هو قول الجمهور، وهو أنه لا يجوز أن يتزوج بالأمة الكتابية بدليل مفهوم المخالفة من قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النساء:٢٥] فليعلم كذلك أنه يخصص عموم قوله تعالى: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء:٣] وكأن مراد الله: فانكحوا ما طاب لكم من النساء الحرائر سواء كن كتابيات أو مؤمنات مسلمات، والإماء خاصة المسلمات دون الكتابيات، إذ أن مفهوم المخالفة من قوله: فتياتكم المؤمنات، هو أن الفتيات غير المؤمنات لا يجوز لكم النكاح منهن.
إذًا: فمفهوم المخالفة هذا يخصص عموم قول الله تعالى: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ فهو عام مخصوص، والمراد به الحرائر المسلمات والحرائر الكتابيات والإماء المسلمات خاصة دون الإماء الكتابيات.
6 / 12