Athar al-Ikhtilaf fi al-Qawa'id al-Usuliyya fi Ikhtilaf al-Fuqaha
أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء
Genre-genre
خلاف العلماء في حكم تيمم الجنب
ومن هذا تيمم الجنب، فإذا أجنب امرؤ فلم يجد ماءً فقد قال الله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء:٤٣] لكن عمر بن الخطاب ﵁ كان ينكر على الجنب الذي يتيمم إن لم يجد الماء، وكان يقول: إن لم يجد الماء فعليه أن يمتنع عن الصلاة عشر سنين، ووافقه في هذا القول ابن مسعود ﵁ وأرضاه، فقال: إذا أجنب المرء ولم يجد الماء فلا يتيمم ويبقى جنبًا، فلا يصلي حتى يجد الماء ثم يقضي.
أي مشقة هذه؟! وهذا مخالف لمقاصد الشريعة، والذي جعل عمر بن الخطاب يفتي بذلك أنه لم يطلع على سنة النبي ﷺ، وقد وافقه ابن مسعود ﵁ وأرضاه.
فاستنبط العلماء: أن من كانت عنده آلة الاجتهاد؛ فاجتهد وأقام العبادة على اجتهاده وإن كانت على خطأ فلا يعيدها، فقد أصاب أجرًا بذلك ولا يعيد الصلاة، ومن ذلك قصة عمار بن ياسر الذي تمرغ في التراب كما تمرغ الدابة؛ لأنه أجنب ولم يجد ماءً، فذهب إلى النبي ﷺ فقص عليه القصة، فأقره النبي ﷺ، وبعدما أقره قال: (إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا) ثم ضرب بيديه الأرض ومسح ظاهر كفيه ووجهه، وفي رواية: (نفخ التراب، ثم تمسح وجهك وتمسح كفيك، فيكفيك ذلك لكل بدنك) فقام عمار فقال لـ عمر -وكان عمر يفتي أنه لا تيمم من جنابة-: أما تذكر حين كنت جنبًا وقد حدث كذا وكذا وكذا فلم يتذكر عمر الواقعة، فقال عمار: إن أردت أن أكف عن هذا الحديث أكف، فقال له: لا والله! نوليك ما توليت.
فالذي جعل هذا الخلاف يحدث بين الصحابة أنه لم يصل إلى عمر حديث النبي ﷺ.
2 / 7