18

أصول بلا أصول

أصول بلا أصول

Penerbit

دار ابن الجوزي

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Lokasi Penerbit

القاهرة - جمهورية مصر العربية

Genre-genre

فالذي قَرَّرَهُ الرسول ﷺ في الرؤيا أنها ثلاثة: الأول: حَديث النفس؛ وهي التي أسماها العلماء المادِّيُّونَ بالانعكاسات النفسية؛ وهي خواطر النفس، وتطلعاتها التي تصبو إلى تحقيقها في واقع الحياة، فتراها في المنام، إذ تحلم بممارسة أمور لم تستطع تحقيقها في واقع الحياة. النَّوْعُ الثَّانِي: من الرؤى التي أخبر بها الرسول ﷺ: هي الرؤيا التي يسببها الشيطان؛ فإنه قد يُمَثِّل للإنسان في منامه رؤيا مفزعة، تبلبل خواطره، وتُرْهِق نفسه، وتَجْعَلُهُ يجول في عوالِمَ بعيدة، حَذِرًا متخوفًا، وفي الحديث: "الرُّؤيَا الصَّالحِةُ مِنَ اللَّهِ، والحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأي أَحَدُكم ما يحبُّ، فلا يُحدِّثْ بهِ إلَّا مَن يُحِب، وإذا رأى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا، وشَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثًا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ" متفق عليه (١). وقد جاء رجل إلى الرسول ﷺ فقال: "رَأَيْتُ في المنَامِ كَأَنَّ رَأسِي قَدْ قُطِع، قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ، وقَالَ: "إِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكمْ في مَنَامِهِ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ" رواه مسلم (٢). والشيطان لديه القدرة على الوسوسة في صدور الناس ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)﴾ [الناس: ٤ - ٥]، وفي الحديث: "إنَّ الشَيْطَانَ يَجْرِي مِن ابْنِ آدمَ مَجْرَى الدَّمِ"، فلديه القدرة على أن يُمَثِّلَ للنفس في منامها أمورًا تفْزِغهَا وتَحْزُنُهَا. النَّوْعُ الثَّالِثُ: رؤيا لم يُفَكِّرْ بِهَا صاحبها يومًا، ولم تخطر على باله، وهي بَعِيدَةٌ كل البعد عن تفكيره، وقد يراها بصورة جلية، لا تحتاج إلي تفسير ولا إلى

(١) رواه البخاري (١٢/ ٣٧٣)، ومسلم (٢٢٦١) (٢) في أول كتاب الرؤيا. (٢) رواه مسلم (٢٢٦٨) (١٦) في الرؤيا.

1 / 20