Rahsia Istana: Politik, Sejarah, Cinta, Sastera
أسرار القصور: سياسية، تاريخية، غرامية، أدبية
Genre-genre
فقال مراد: أي صديقي العزيز، قد بلغني خبر مصابك وتفاصيل شقائك لما منعوا عني جميع الأخبار السارة. فصمت صلاح الدين برهة لذلك التذكار، ثم قال: مولاي الفرصة أثمن من أن تضاع، لا تفكر بي؛ لأني لست بعد ذلك المصاب إلا آلة للانتقام والأخذ بالثأر، فعش سعيدا، وغدا نحطم قيود أسرك وسلاسل سجنك، وأسأل الله أن يمنحك عمرا طويلا وملكا سعيدا.
فأجابه مراد حزينا: لا تقل هذا يا صلاح الدين بك، فقد أنهكوا قواي، وإني شاعر باختلال شعوري، ثم قال: وماذا تفعلون بعمي عبد العزيز؟ فأجابه: يخلع ثم ينفى. فقاطعه مراد أفندي قائلا: لا، يجب ألا ينفى، واحرصوا على حياته خصوصا، وأستحلفكم بأغلظ الأيمان ألا تلطخوا العرش بالدم وألا تبللوه بالدمع، فإني صافح عما قاسيته منه، وأريد أن أعامله بالخير بدل الشر. وما عتم أن قال ذلك حتى دخل بعض الخصيان الجواسيس، فانحنى صلاح الدين بك قائلا: مولاي سينجز غدا كل شيء اتباعا لأمرك، فشكره مراد أفندي وصرفه. وخاف أن تخونه قواه فدخل إلى الحرم إخفاء لحاساته، وشكر الله على نجاته بعد أسر ست عشرة سنة.
الفصل الخامس عشر
ليلة 30 أيار 1876م
تلك ليلة من ليالي الدهر مشهورة، وستبقى في تاريخ آل عثمان إلى الأبد مسطورة، كان الجو فيها صافيا، والسكون تاما لا يتخلله إلا جري بعض الرسل الذين كانوا يذهبون ويجيئون من كل جانب.
ولما كان أهل الأستانة قد تعودوا رؤية مثل أولئك الرسل يتراكضون من جهة إلى أخرى امتثالا لأوامر الحرم والسراري؛ لم ينتبه أحد إليهم على أنهم كانوا ينقلون في ذلك المساء أخطر الأوامر وأشدها أهمية وهولا. ثم وصل أمر إلى بارجتين كبيرتين كانتا راسيتين في قرن الذهب بأن توقدا مراجلهما وتتأهبا للسفر، وسلم إلى الربان أمر مختوم لا يحق له فضه إلا على بعد عشرين ميلا في بحر مرمرا، وصدر أمر سري آخر من وزير الحربية إلى قومندان حرس السلطان الخاص أن يجيء بخيله ورجله وجميع معداته إلى الترسخانة، فامتثل وجاء بجنوده على عجل واهما أن ذلك أمر السلطان، فنقلوا جميعا إلى ظهر البارجتين.
وعند الساعة العاشرة رفع الجسر وخرجت البارجتان مقلتان أخلص الجنود والقواد للسلطان عبد العزيز، وارتاح الوزراء المتآمرون من شرهم، وأمنوا من إفشاء السر، وبدأت تباشير دسيستهم تبشر بالنجاح التام. وكان السلطان عبد العزيز في ذلك المساء متأثرا جدا مما حدث في الصباح بينه وبين وزرائه، وكانت والدته والسلطانة مهرى تشجعانه على الحزم والعزم وإلا جلب على نفسه الويل والشر. وأخيرا غلب على السلطانتين النعاس فرقدتا، وبقي السلطان وحده مسهدا قلقا مفكرا في الاحتياطات الصارمة التي كان عازما على اتخاذها في الغد، فقال: لا بد لي من أن أحذو حذو والدي، فقد ذبح في ليلة واحدة خمسمائة من زعماء الانكشارية، فارتاح وأراح البلاد من شرهم، وأنا لا بد لي من ذلك، فقد صدقت مهرى في قولها: إن الضعف مجلبة للهلاك. وما انتهى من هذا الفكر حتى سمع دوي مخر مراكب كبيرة تعج عجيجا شديدا. فقال في نفسه: ما هذه المراكب الخارجة الساعة؟ واشتد قلقه كثيرا؛ لأنه كان ممنوعا خروج المراكب ليلا مهما كان، فقام إلى النافذة وفتحها فوجد البارجتين خارجتين فدهش من ذلك؛ لحصوله بغير إذنه، وظن في الأمر دسيسة، فصاح والله يا حسين عوني لا أبقاني الله إذا بقيت إلى غد ونظرت مغيب شمسه. وخرج حنقا من غرفته إلى غرفة الياوران، وأمرهم على الفور أن يطيروا لاستدعاء وزير الحربية إليه، فطار رئيسهم على جواد كان مسروجا دائما لسرعة تنفيذ الأوامر، وطفق ينهب الأرض إلى السر عسكرية، وكان حسين عوني باشا مع اثنين من الوزراء يتآمرون والسرور طافح على وجوههم؛ لنجاح مسعاهم في إبعاد حرس السلطان الخاص. فلما وصل ياور السلطان انقلب سرورهم إلى رعب، وخافوا أن يكون أفشي السر وخان بعض المتآمرين، فقال حسين عوني باشا للياور: سر إلى السلطان وأخبره أني مقتف أثرك على عجل وأنفذ في الحال رسلا إلى بقية الوزراء يدعوهم للاجتماع به، فهرعوا إليه من كل جانب وقد ارتعشت قلوبهم وجلا، فقص عليهم حسين عوني باشا أن الياور أخبره بأن السلطان كان يكرر لشدة حنقه كلمات الخيانة والمؤامرة والدسيسة، وأخذوا يتشاورون فيما يعملون، وكاد الوقت يمضي وهم لم يجزموا بشيء فوقف أخيرا مدحت باشا خطيبا فيهم وقال: إن من الجنون التردد في العمل بعد الآن وإلا هلكنا جميعا في الغد بلا مشاحة، فلا يصح بعد ذلك احتمال أعمال هذا السلطان الجنونية؛ إذ لا بد من إنقاذ البلاد، وقد تم نصف ظفرنا ولا بد أن تتكلل مساعينا بالنجاح التام مع قليل من البسالة والإقدام.
فقالوا: ولكن ما الحيلة؟
قال: يجب التعجيل بخلع السلطان هذا المساء عوضا عن الغد، ويجب ألا تبزغ شمس غد إلا والسلطان عبد العزيز مخلوعا والسلطان مراد متسنما عرش آل عثمان.
فقال حسين عوني: قد قلت الحق ونطقت بالصواب، لكن ما الطريقة لذلك في هذا المساء ولسنا على أهبة تامة.
Halaman tidak diketahui