175

Asna Matalib

أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب

Penyiasat

مصطفى عبد القادر عطا

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1418 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

٩٤٧ - حَدِيث: " الغرانيق ". وَهِي طيور المَاء، ذكرُوا أَنه لما قَرَأَ ﷺ سُورَة النَّجْم وَبلغ قَوْله - تَعَالَى -: ﴿أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى﴾ ألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه، وحماه الله من ذَلِك: تِلْكَ الغرانيق العلى، وَإِن شفاعتهن لترتجى، وَأَنه لما بلغ آخر السُّورَة سجد، وَسجد مَعَه الْمُؤْمِنُونَ، والكافرون، ثمَّ أخبرهُ جِبْرِيل بِمَا أَلْقَاهُ الشَّيْطَان على لِسَانه من ذَلِك، فَحزن فَنزل تَسْلِيَة لَهُ قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمَا أرسلنَا قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته﴾ الْآيَات من سُورَة الْحَج. فَهَذِهِ الْقِصَّة كذب مفترى كَمَا ذكر هَذَا غير وَاحِد، وَلَا عِبْرَة بِمن قواها وأولها؛ إِذْ لَا حَاجَة لذَلِك، وَصَحَّ من هَذِه الْقِصَّة فِي الصَّحِيح قِرَاءَة سُورَة النَّجْم، وَسُجُوده وَسُجُود الْمُسلمين والكافرين، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر قصَّة الغرانيق أصلا، وَمَا هُوَ مَذْكُور فِي السُّورَة الْمَذْكُورَة من ذمّ آلِهَتهم فِي قَوْله - تَعَالَى -: ﴿إِن هِيَ إِلَّا الْأَسْمَاء سميتموها أَنْتُم وآباؤكم مَا أنزل الله بهَا من سُلْطَان﴾ الْآيَة، يكذب هَذِه الْمقَالة المضللة؛ إِذا لَو وَقعت مِنْهُ لردوا عَلَيْهِ قَوْله، حَيْثُ اجْتمع فِيهِ الذَّم والمدح، وَلَا يدل سُجُود الْمُشْركين على صِحَّتهَا؛ لأَنهم رُبمَا سجدوا لآلهتهم تَعْظِيمًا لَهَا، كَمَا سجد رَسُول الله ﷺ تَعْظِيمًا لسَيِّده وخالقه ﷾ وَأما نزُول قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى﴾ الْآيَة، فَلم يعلم هَل نزلت قبل هَذَا أَو بعده أَو فِي حِينه، وَقَول ابْن عَبَّاس ﵁ فِي تَفْسِيره: إِن تمنى مَعْنَاهُ تَلا وَقَرَأَ، كَمَا يشْهد لَهُ قَول الْقَائِل: (تمنى كتاب الله أول ... تمني دَاوُد كتاب على رشد) لَا يدل على مَا زعموه من أَن معنى الْآيَة: ﴿وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى﴾ أَي: قَرَأَ ﴿ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته﴾، أَي: قِرَاءَته مَا يُرْضِي الْمُرْسل إِلَيْهِ كَمَا ألْقى الشَّيْطَان فِي قِرَاءَة الْمُصْطَفى ﷺ الْكَلِمَات الْمَذْكُورَة، وَهِي تِلْكَ الغرانيق العلى، لِأَنَّهُ لَو فسر تمنى بِمَعْنى قَرَأَ وتلا على قَول ابْن عَبَّاس كَانَ مَعْنَاهُ أَنه إِذا قَرَأَ النَّبِي أَو الرَّسُول مَا يُوحى إِلَيْهِ من ربه ألْقى الشَّيْطَان فِي قِرَاءَته لقلوب الْمُشْركين والكافرين أوهاما حَتَّى لَا يُؤمنُوا بِهِ، ثمَّ إِذا أَرَادَ الله هِدَايَة أحد مِنْهُم نسخ من قلبه هَذَا الْوَهم، وَأحكم فِي قلبه الْحق، وَهَذَا هُوَ الْوَاقِع فِي شَأْن الْكفَّار عِنْد سَماع الْحق، وَيَزُول عِنْد الْإِسْلَام بقدرة الله - تَعَالَى -، فَلَا إِشْكَال فِي تَفْسِير ابْن عَبَّاس، وَقيل:

1 / 193