تكريمها في الإسلام
وقد أبقى الإسلام على مكانة الخيل، بل إنه بالغ في الحث على الاهتمام بها لتكون مطية حمل الرسالة السماوية إلى الآفاق، كما خصها الله ورسوله بما يكشف عن أهميتها البالغة بوصفها رمزا للقوة، ووسيلة لرفعة الدين وأهله. فكان من مظاهر ذلك أن أقسم بها سبحانه فقال: «وَاَلْعادِياتِ ضَبْحًا* فَالْمُورِياتِ قَدْحًا* فَالْمُغِيراتِ صُبْحًا* فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا* فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا. .» (١). وجعلها تعالى أبرز أسباب القوة، ورمزا باقيا لها عبر كل العصور، فقال في ذلك سبحانه داعيا إلى مداومة الاستعداد للبأس واللقاء -وقد خصّ الخيل بالذكر دون غيرها من هذه الأسباب-فقال جل وعلا «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ اَلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اَللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اَللهُ يَعْلَمُهُمْ. .» (٢).
كما اتفقت الأحاديث النبوية على تكريمها، من ذلك إعفاؤها من الزكاة عند الجمهور، لقوله ﷺ: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة» (٣) ومنها النهي عن ابتذالها وامتهانها، نقل الدميري فقال: «وفي سنن النسائي من حديث سلمة بن نفيل السكوني، أن النبي ﷺ نهى عن إذالة الخيل، وهو امتهانها في الحمل عليها واستعمالها» (٤).
وورد فيها من الأحاديث الشريفة، ما يجعلها حبيبة إلى الناس، داعية إلى إشاعة البركة والخير فيهم. فقد ذكر الدميري من ذلك قوله: «وفي الصحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: رأيت رسول الله ﷺ يلوي ناصية فرسه بإصبعيه وهو يقول: الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم
_________
(١) سورة العاديات/١ - ٥.
(٢) الأنفال/٦٠.
(٣) جامع الأصول ٤/ ٦٢٣ برقم ٢٧٠٨.
(٤) حياة الحيوان الكبرى ١/ ٤٤٠.
1 / 21