Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript

Abdul Qadir al-Astuwani d. 1314 AH
80

Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript

أصل الزراري شرح صحيح البخاري - مخطوط

Penerbit

عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري

Lokasi Penerbit

https

Genre-genre

عمرو بن يحيى، وتقدَّم أن السائل هو جده، وهذا يدل على أنه أخو جده، ولا منافاة في كونه جدًّا له من جهة الأم عمًّا لأبيه، كذا قاله الكرماني، قال ابن حجر: (وهذا غريب)، وقدَّمنا أن أم عمرو بن يحيى ليست بنتًا لعمرو بن أبي حسن، واعترضه في «عمدة القاري» بأن هذا ليس بغريب؛ فإن صاحب «الكمال» قال ذلك، وقد مضى الكلام فيه؛ فافهم، انتهى. ورواه المؤلف في باب (من مضمض واستنشق من غَرْفة واحدة)؛ بإسقاط عمرو بن أبي حسن؛ فاعرفه. (سأل) أي: عمرُو بن أبي حسن (عبد الله بن زيد) الأنصاري السابق في الباب قبله (عن وضوء النبي) الأعظم ﷺ، فدعا) أي: عبد الله بن زيد (بتَوْر)؛ بفتح المثناة الفوقية، وسكون الواو، آخره راء، هو الطشت، وقال الجوهري: (إناء يشرب منه)، وقال الدراوردي: قدح، وقيل: يشبه الطشت، وقيل: مثل القدر من صُفْر أو حجارة، والصُفْر -بضم الصَّاد المهملة وسكون الفاء-: صنف من جيِّد النحاس، سمي به؛ لأنَّه يشبه الذهب، ويسمَّى أيضًا الشَّبَه؛ بفتح الشين المعجمة والباء الموحدة، كذا في «عمدة القاري». وقوله: (من ماء)؛ بيان؛ لقوله: (بتَوْر)؛ فالمراد: الماء الذي فيه، (فتوضأ لهم)؛ أي: لأجلهم، فاللام للتعليل، وهم السائل وأصحابه (وضوء النبي) الأعظم ﷺ؛ أي: مثل وضوئه، وأطلق عليه وضوءه؛ لأجل المبالغة، (فأكفأ)؛ بهمزتين لغة في (كفأته)؛ أي: قلبته وصببته، حكاهما ابن الأعرابي، وقال الكسائي: (كفأته: قلبته، وأكفأته: أملته)، والمراد: أنه أفرغ الماء (على يده) بالإفراد (من التور)؛ أي: من ماء التور المذكور، (فغسل يديه)؛ بالتثنية قبل أن يُدْخِلَها في التَّوْر، وفي رواية: (فغسل يده) بالإفراد، على إرادة الجنس، (ثلاثًا)؛ أي: ثلاث مرات، (ثم أدخل يده) بالإفراد (في التَوْر) أيضًا؛ أي: فأخرج ماء منه، (فمضمض، واستنشق، واستنثر)، وعطف (استنثر) على سابقه عطف تفسير؛ لأنَّ الاستنشاق والاستنثار واحد، كما قاله ابن الأعرابي وابن قتيبة، وهو الصواب، (ثلاث)، وفي رواية: (بثلاث) (غرفات)؛ بفتحتين، أو بضم أوله وثانيه، أو بفتح الثاني، أو سكونه، و(الثلاث) يحتمل أن تكون لهما معًا، ويحتمل أن تكون المضمضة ثلاثًا والاستنشاق ثلاثًا، وهو الظاهر، يدلُّ عليه أنه قد ثبت فيما رواه الترمذي وغيره: (أنه تمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا)، وروى البويطي عن الشافعي: أنه يأخذ ثلاث غرفات للمضمضة، وثلاث غرفات للاستنشاق، وكل ما روي من خلاف هذا، فهو محمول على بيان الجواز؛ فافهم، ومع وجود النص لا مجال للرأي والاستظهار؛ فافهم. (ثم أدخل يده)؛ بالإفراد، يدل على أنه اغترف بإحدى يديه، هكذا هو في باقي الروايات وفي «مسلم» وغيره، لكن وقع في رواية ابن عساكر وأبي الوقت من طريق سليمان بن بلال الآتية: (ثم أدخل يديه)؛ بالتثنية، وليس ذلك في رواية أبي ذر ولا الأصيلي، ولا في شيء من الروايات خارج «الصحيح»، كذا في «عمدة القاري». قلت: ولعلَّه كان الإناء صغيرًا، فاغترف بإحدى يديه، ثم أضافها إلى الأخرى، كما تقدم نظيره في حديث ابن عباس؛ ليكون ذلك أسهل عليه وأقرب للتناول؛ فافهم. (فغسل وجهه ثلاثًا)؛ أي: ثلاث مرات، ويدخل فيه غسل جميع اللحية، فإنَّه فرض عملًا لا اعتقادًا على المذهب المصحَّح المفتى به المرجوع إليه، وفي رواية عن الإمام الأعظم: (أنه يُفْتَرَضُ مسح جميع اللحية)، ويدل لذلك ما في «كتاب ابن السكن» عن النبي الأعظم ﵇ وفيه: (فمسح باطن لحيته وقفاه)، ويدلُّ للأول أحاديث مشهورة لا نطيل بها لشهرتها؛ فافهم. (ثم أدخل يديه)؛ بالتثنية؛ أي: في الإناء فأخرج ماء، (فغسل يديه)؛ بالتثنية، (إلى المِرْفَقين)؛ بكسر الميم، وسكون الرَّاء، وفتح الفاء، تثنية مرفق، وهو العظم الناتئ في الذراع، و(إلى)؛ بمعنى: مع؛ أي: مع المرفقين، (مرتين)؛ أي: كل يد مرتين، لا أنهما لهما لكل يد مرة، كما قد يُتَوَهَّم بدليل رواية مالك: (ثم غسل يديه مرتين مرتين)، فليس المراد: توزيع المرتين على اليدين لكل يد مرة واحدة؛ فافهم. (ثم أدخل يده)؛ بالإفراد؛ أي: في الإناء (فمسح رأسه)؛ أي: جميعه، كما هو ظاهر اللفظ، لكنَّه ليس على طريق الوجوب، بل على طريق السنية المؤكَّدة على الصحيح من المذهب، وفي رواية عن الإمام الأعظم وهو قول الشافعي: أنَّه مستحب، وعند مالك وأحمد: أنَّه فرض، (فأقبل بهما) أي: بيديه (وأدبر) أي: بهما أيضًا (مرة واحدة)، واقتصاره على المرة الواحدة دليل ظاهر على عدم سنية التثليث، ويدلُّ لذلك ما رواه أصحاب «السنن» الأربعة عن علي الصديق الأصغر في حكاية وضوء النبي الأعظم ﵇: أنَّه مسح على رأسه مرة واحدة، وأحاديث عثمان بن عفان الصحاح تدلُّ على ذلك أيضًا؛ فافهم، فإنَّهم ذكروا الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، وقالوا: (ومسح برأسه)، ولم يذكروا عددًا، فدلَّ على الاقتصار على المرة الواحدة، ولأنَّ التثليث في المسح لا يفيد؛ لأنَّ التكرار في الغسل لأجل المبالغة في التنظيف، ولا يحصل ذلك بالمسح، فلا يفيد التكرار، ومثله: مسح الخف، والجبيرة، والتيمم، وما روي من الأحاديث ممَّا يدل ظاهره على التثليث؛ فهو محمول على أنه بماء واحد؛ جمعًا بين الأحاديث، وهل يُكْرَهُ التثليث بماء واحد أو لا؟ فقال في «المحيط» و«البدائع»: إنَّه مكروه؛ للأحاديث التي ذكرناها، وقال في «الخانية»: (لا يُكْرَهُ، ولا يُسَنُّ، ولا يكون أدبًا) انتهى، وقال في «شرح المنية»: إنه مكروه على الأوجه؛ لأنَّ الأحاديث التي فيها ذكر المسح مرة واحدة أقوى وأرجح، لا تقاوم ما ظاهره التثليث، على أن أحاديث التثليث قد تٌكلِّم في سندها، ولا ريب أن الصحيح لا يقاوم الضعيف، فالأخذ بالصحيح متعين، كما لا يخفى على أولي الألباب. وكيفية المسح والاستيعاب: أن يبلَّ كفيه بالماء وأصابعه ثم يلصق الأصابع؛ أي: يضمها، ويضعها على مُقَدَّم رأسه من كل يد ثلاثة أصابع؛ أي: الخنصر والبنصر والوسطى، ويمسك إبهاميه وسبابتيه مرفوعات، ويجافي بطن كفيه عن رأسه، ويمدهما -أي يديه- إلى القفا، ثم يضع كفيه على جانبي الرأس، ويمسحهما -أي: جانبي الرأس- بكفيه، ويمسح ظاهر أذنيه بباطن إبهاميه وباطن أذنيه بباطن مسبحته؛ كذا ذكره في «المحيط»؛ تحرُّزًا عن الاستعمال. واعترضه في «فتح القدير» بأنَّ الاستعمال لا يثبت قبل الانفصال والأذنان من الرأس، وقال في «شرح المنية»: واتفقوا على أنَّ الماء ما دام على العضو لا يكون مستعملًا، فالأظهر في كيفية استيعاب مسح الرأس ما ذكره الإمام فخر الدين الزيلعي في «التبيين» أن يضع كفيه وأصابعه على مقدم رأسه، ويمدُّهما إلى القفا على وجه يستوعب جميع الرأس، ثم يمسح أذنيه بإصبعيه قال: (ولا يكون الماء مستعملًا بهذا؛ لأنَّ الاستيعاب بماء واحد لا يكون إلا بهذا الطريق) انتهى، وأقرَّه في «البحر»، و«النهر»، و«شرح المنية»، وغيرها، فكان هو المذهب، وإلى غيره لا يُذهَب؛ لموافقته لحديث الباب وغيره من الأحاديث الصحاح. ولا يُسَنُّ أخذ ماء جديد لمسح الأذنين، بل يمسحهما بماء الرأس؛ لأنَّه السنة؛ لأنَّ الأذنين من الرأس، كما في الحديث، وأمَّا إذا انعدمت البلة من اليدين وهما على الرأس؛ فلا بدَّ من أخذ ماء جديد لهما، وكذا إذا كانت البلة باقية بأن مسح رأسه بيديه، ثم رفعهما قبل مسح الأذنين؛ فلابد من أخذ ماء جديد، ولو كانت البلة باقية؛ لأنَّها مستعملة؛ كما مر، وكيفية مسحهما: أن يمسح بالسبابتين داخلهما وبالإبهام خارجهما، وهو المختار، كما في «المعراج»، وذكر شمس الأئمة الحلواني أنَّه يدخل الخنصرين في أذنيه ويحركهما، وهو قول شيخ الإسلام، كذا في «منهل الطلاب»، ولم يذكر في الحديث مسح الأذنين، وذكره في «سنن النسائي» عن عائشة وصفت وضوءَه ﵇، وفيه: (ثم مدَّت بيديها بأذنيها)، وعند أبي داود: (ثم مسح برأسه وبأذنيه
كليهما)، وفيه أحاديث أخر لا نطيل بذكرها. (ثم غسل رجليه إلى الكعبين)؛ أي: معهما، وهما العظمان الناتئان عند ملتقى الساق والقدم، هكذا فسره أهل اللغة، والدليل عليه: قول النعمان بن بشير حين قال النبي الأعظم ﵇: «أقيموا صفوفكم»: لقد رأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه، وبهذا قال إمامنا رأس المجتهدين الإمام الأعظم وجميع أصحابه، وقال مالك: (الكعب: هو الملصق بالساق، والمحاذي للعقب)، وما نسبه ابن حجر والعجلوني إلى الإمام الأعظم، من أنه الشاخص في ظهر القدم، فلا أصل له، وهو خطأ ظاهر، وافتراء على هذا الإمام، وإنما قال الإمام محمد الشيباني في المُحْرِم: (إذا لم يجد النعلين؛ فيلبس الخفين، ويقطعهما أسفل من الكعبين)، وفسر الكعب في ذلك: (بأنه الذي في ظهر القدم عند مَعْقَدِ الشراك)، فأخذ ذلك هشام تلميذ الإمام محمد ونقله إلى الوضوء على طريق الغلط والسهو، فتمسك بذلك المتعصبون المتعنتون، ونسبوه إلى الإمام الأعظم، وقد اتفق الشراح والمتون والفتاوى على أنَّ تفسير هشام لذلك خطأ من هشام، وليس ذلك بمراد للإمام محمد، كما صرَّح بذلك في كتبه؛ ظاهر الرواية الستة، فمن زعم ذلك ونسبه للإمام الأعظم؛ فهو مخطئ ومفترٍ، ويكفيه أنه كاذب فيما قاله؛ فافهم. وفي المجيء بالغاية في الآية دليل لكونهما مغسولتين لا ممسوحتين؛ لأنَّ المسح لم تضرب له غاية في الشريعة، والخلاف في غسل الكعبين مع الرجلين كالخلاف في غسل المرفقين مع الذراعين، كما قدمناه؛ فافهم، والله أعلم. (٤٠) [باب استعمال فضل وضوء الناس] هذا (باب: استعمال فضل وَضوء) بفتح الواو (الناس) في التطهير وغيره، يحتمل أن المراد من فضل الوضوء: هو ما يبقى في الظرف بعد الفراغ من الوضوء وغيره كالشرب والطبخ والعجين، أو فَضَل عن غسل ثوب أو إناء طاهر، وهذا لا خلاف في طهارته وجواز التوضؤ والتطهير به، ويحتمل أن يراد به: الماء الذي يتقاطر من أعضاء المتوضئ، وهو الماء المستعمل، وسببه: رفع الحدث أو لأجل القربة أي: الثواب، والظاهر أن هذا هو المراد، واختلف فيه؛ فروي عن الإمام الأعظم ثلاث روايات، فروى الإمام أبو يوسف عنه: أنه نجس مخفف، وحكى الشافعي في «الأم» عن شيخه محمد بن الحسن: أن أبا يوسف رجع عنه، ثم رجع إليه بعد شهرين، وروى الإمام الحسن بن زياد عن الإمام الأعظم: أنه نجس مغلظ، وروى الإمام محمد بن الحسن، والإمام زفر، وعامر، عن الإمام الأعظم: أنه طاهر غير طهور. وجه رواية النجاسة: ما رواه المؤلف ومسلم وأصحاب «السنن» الأربعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يبولَنَّ أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسلَنَّ فيه من الجنابة»، وفي رواية: «ثم يغتسل فيه من الجنابة»، وفي أخرى: «لا يغتسل فيه من الجنابة»، وذلك أنه حرم الاغتسال في الماء القليل؛ لإجماعنا على أن الاغتسال في الماء الكثير ليس بحرام، فلولا أن القليل من الماء ينجس بالاغتسال بنجاسة الغسالة؛ لم يكن للنهي معنًى؛ لأنَّ إلقاء الطاهر في الطاهر ليس بحرام، أما تنجيس الطاهر؛ فحرام، فكان هذا نهيًا عن تنجيس الماء الطاهر بالاغتسال، وهذا يقتضي التنجيس به. لا يقال: يحتمل أنه نهيٌ؛ لما فيه من إخراج الماء من أن يكون مطهرًا من غير ضرورة، وذلك حرام؛ لأنَّا نقول: الماء القليل إنَّما يخرج عن كونه مطهرًا باختلاط غير المطهر به إذا كان الغير غالبًا عليه كماء الورد، أما إذا كان مغلوبًا؛ فلا، وههنا الماء المستعمل: ما يلاقي البدن، ولا شك أن ذلك أقل من غير المستعمل، فكيف يخرج به من أن يكون مطهرًا، أمَّا ملاقاة النجس الطاهر؛ فتوجب تنجيس الطاهر، وإن لم يغلب على الطاهر؛ لاختلاطه بالطاهر على وجه لا يمكن التمييز بينهما، فيحكم بنجاسة الكل، فثبت أن النهي لما قلنا. ولا يقال: يحتمل أنه نهي؛ لأنَّ أعضاء الجنب لا تخلو عن النجاسة الحقيقية، وهي توجب تنجيس الماء القليل؛ لأنَّا نقول: الحديث مطلق، فيجب العمل بإطلاقه، ولأن النهي عن الاغتسال ينصرف إلى الاغتسال المسنون؛ لأنَّه المتعارف بين المسلمين، والمسنون منه: إزالة النجاسة قبل الاغتسال، على أن النهي عن إزالة النجاسة الحقيقية التي على البدن استفيدت بالنهي عن البول فيه، فيوجب عمل النهي على الاغتسال فيه؛ لما ذكرنا؛ صيانة لكلام الشارع عن الإعادة الخالية عن الفائدة. لا يقال: القِرَان في النظم لا يوجب القِرَان في الحكم، فلا يلزم تنجيس الماء بالاغتسال؛ لأنَّا نقول: إنَّ مطلق النهي للتحريم خصوصًا إذا كان مُؤكَّدًا بنون التأكيد؛ لا باعتبار القران، على أنَّ القِران معتبر هنا، فإنَّه ﵇ قد قرن المستعمل بالبول، وهو نجس إجماعًا، فدل على أن الاغتسال فيه كالبول فيه، وللقران في الحكم شواهد كثيرة من القرآن العظيم، والأحاديث الشريفة، ويدل عليه أنَّه تعالى عقب الأمر بالوضوء والتيمم: ﴿وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، فدل إطلاق التطهير على ثبوت النجاسة في أعضاء الوضوء، ودل الحكم بزوالها بعد التوضؤ على انتقالها إلى الماء، فيجب الحكم بالنجاسة، لكنِ الإمامُ أبو يوسف جعل النجاسة خفيفة، وذلك لعموم البلوى فيه؛ لتَعَذُّرِ صيانة الثياب عنه، ولكونه محل اجتهاد، فأوجب ذلك تخفيفًا في حكمه. ووجه رواية التغليظ: أنها نجاسة حكمية، وهي أغلظ من الحقيقية؛ بدليل أنه لا يعفى عن شيء قليل منها، وأمَّا الحقيقية، فيعفى عن قليلها، فهي أغلظ، وقد أطال في «فتح القدير»، و«البحر الرائق» في الاستدلال، ورجح رواية التخفيف؛ فراجعهما، ولولا الإطالة؛ لذكرناه. ورواية الطهارة هي المعتمدة، وهي قول الإمام محمد، وبه قال زفر والشافعي في القديم، وهو الأصح عنده، وأحمد على الراجح؛ على أن الماء المستعمل طاهر غير طهور، وبه أخذ أكثر أئمتنا، واختارها المحققون وعلماء العراق، ونفوا الخلاف، وقالوا: إنه طاهر عند الكل، وقد قال في «المجتبى»: (صحت الرواية عن الكل أنه طاهر غير مطهِّر، فالاشتغال بتوجيه التغليظ والتخفيف مما لا جدوى له)، كذا في «النهر»، وممن صرح بأن رواية الطهارة ظاهر الرواية وعليها الفتوى صاحبُ «الكافي» و«المصفى» و«الذخيرة»؛ كما قاله في «شرح الدرر» وفي «شرح المنية»، وهو ظاهر الرواية وعليه الفتوى وهو الصحيح، كما في «الجوهرة» و«شرح الهاملية»، وهو المختار، كما في «الملتقى»، وعليه الفتوى، كما في «فتح القدير» و«النهر»، وقال في «الفتاوى البزازية»: (الصحيح أن الإمام الأعظم قائل بالطهارة، كما قاله الإمام محمد)، والفتوى عليه، كما في «التقريب»، و«الخلاصة»، و«المفيد»، وغيرها من الكتب المعتبرة؛ لأنَّ الصحابة ﵃ لم يجمعوا المستعمل في أسفارهم القليلة الماء ليتطهروا به، بل عدلوا إلى التيمم، فلو كان طهورًا لجمعوه، فدل على أنه لا يجوز استعماله مرة ثانية. فإن قيل: تركوا الجمع؛ لأنَّه لا يُجمَع منه شيء؛

1 / 80