الجواب: لأن ما الأولى والثالثة شرطيتان فجزمتا الفعل، والثانية نافية فالفعل بعدها مرفوع يدل على ذلك مجيء الفعل الأول١، وجزم الفعل بعد الثالثة، ومجيء الإيجاب بإلا بعد الثانية.
فقيل: فما الواوان٢ في الجملة الثانية والجملة الثالثة؟
فقلت: أما التي في الثالثة فعاطفة. وأما التي في الثانية فيحتمل ذلك، ويحتمل أن تكون واو الحال ليكون ذلك مفيدًا لثبوت اتفاق الخير لأنفسهم، فيكون المعنى وما تنفقوا من خير فلأنفسكم في حالة كونه لا يراد به إلا وجه الله، نظيره قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ ٣ وقوله تعالى: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّه﴾ ٤ وقول النبي ﷺ: "واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك" ٥.
مسألة: قال الزمخشري٦ في قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً﴾ ٧ ما معناه أن التقدير
_________
١ هكذا بالأصل والصواب مجيء الفاء في الأولى - كما في المغني.
٢ في الأصل المرادان والصواب فما الواوان - بدليل ما بعده.
٣ سورة الروم من الآية ٣٩ وتمامها ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ .
٤ سورة الروم من الآية ٣٨ وتمامها ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ .
٥ رواه الشيخان.
٦ الزمخشري: محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي، جار الله، أبو القاسم: من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب، كان شديد الإنكار على المتصوفة (توفي سنة ٥٨٣ هـ = ١١٤٤م) وفيات الأعيان جـ ٢ ص ٨١ وإرشاد الأريب جـ ٧ ص ٤٧ ولسان الميزان جـ ٦ ص ٤ ونزهة الألبا ص ٤٦٩ والجواهر المضية جـ ٢ ص ١٦٠ وآداب اللغة جـ ٣ ص ٤٦) .
٧ سورة الأحقاف من الآية ٢٨ وتمامها ﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ .
1 / 12