ما إن قالت أثينا هذا، حتى بدأت الفتاة تنكمش وتضمحل، وأخيرا تحولت تماما. وحيث كانت الفتاة واقفة، زحفت حشرة العنكبوت، وأمام بصر المشاهدين المذعورين، انتحت الحشرة نحو ركن وشرعت من فورها تنسج نسيجا من الخيوط الواهية. وهكذا ظل الأغارقة حتى اليوم يسمون العنكبوت «أراخني».
الباب الرابع
قصص فينوس
فينوس وأدونيس
بطبيعة الحال، كان لفينوس كثير من المغامرات الغرامية، أشهرها ما حدث بينها وبين أدونيس، وهو شاب من منطقة في آسيا الصغرى، رائع الجمال الذي يضرب به المثل، فنقول عن الرجل ذي الجمال الفذ «إنه أدونيس». فذات يوم كانت فينوس تعبث بسهام ابنها كيوبيد، فخدشت نفسها بسهم منها، وقبل أن يلتئم الجرح، ويخرج السهم الخطر من عروقها، أبصرت أدونيس، وفي الحال تغلغل حبه في قلبها.
بعد ذلك أهملت فينوس كل غرامياتها العادية، وما عادت ترى بعد ذلك في الأماكن التي كانت تزورها عادة، بل صارت بهجتها الوحيدة أن ترافق أدونيس أينما يذهب. ورغم جمال أدونيس كان يتصف بأخلاق الرجولة، فأولع بالصيد أكثر من كل شيء آخر. وعلى هذا كانت فينوس تصحبه في جميع المغامرات الخطرة. وكانا يجولان معا وسط الغابات يوميا. وما عادت فينوس لتهتم بزينتها وتجميل مفاتنها، وما عادت تقضي الساعات كما اعتادت في إبراز سر جمالها، بل كانت تذهب معه في ثياب عادية تحمل قوسا وجعبة سهام مثل الربة الصيادة ديانا، كما تعلمت هي أيضا أن تطارد الغزلان وتقتلها، وتركت لأدونيس قتل الذئاب والخنازير البرية والفهود والدببة.
حذرت فينوس أدونيس من أن يكون كثير الجرأة، وكانت تخشى أن يهاجمه وحش مفترس في وقت ما، إن عاجلا أو آجلا، فيؤذيه. وهذا ما حدث فعلا؛ إذ تركت فينوس أدونيس في يوم ما، وطارت إلى أوليمبوس في عربتها التي يجرها اليمام. وكانت آخر كلماتها لأودنيس هي التحذير. غير أنه كان يصم أذنيه عن سماع نصائحها التي تزرع الجبن، كما كان يعتقد. فكان الأول دائما في مطاردة الصيد، والأول دائما في مطاردة أي حيوان يرغب في قتله، ويحتقر إلقاء عبء الخطر على غيره. في ذلك اليوم أثارت الكلاب خنزيرا بريا ضخما ومتوحشا ومفترسا، فصار ذلك الخنزير يجري أمام الكلاب حتى انقض عليه أدونيس والرمح في يديه، وقلبه تواق لأن يغيب الرمح في جسم الخنزير، وفعلا أفلح في جرح ذلك الوحش، ولكن سن الرمح لم تتعمق في جسمه، فاندفع الخنزير يهجم على أدونيس، وأنفذ نابيه كليهما في جنبي هذا الشاب الوسيم، فخر فوق السهل صريعا.
حزنت فينوس على أودنيس حزنا شديدا، وبكته بكاء مرا، وظلت كاسفة البال مدة طويلة. وكان سكان تلك المنطقة يجددون الحداد عليه سنويا في عيد مقدس. ويقال إن الأقحوان خرج من دمه، كما قيل أيضا إن جوبيتر أشفق على ابنته فينوس، فسمح لأدونيس بأن يصعد من العالم السفلي لمدة ستة شهور في كل عام، ويقيم مع فينوس كزوجها في تلك المدة، وعندئذ كان الصيف يعم الأرض.
كيوبيد وبسوخي
روى الكاتب اللاتيني أبوليوس قصة من أجمل القصص القديمة عن كيوبيد وبسوخي، فقال:
Halaman tidak diketahui