The Good Companions » المحتفل بالرصانة والدعابة وتبسيط مبادئ الرقي المأثورة عن تعاليم شارلز ديكنز
Charles Dickens .
وقد أنشأ في الوقت الأخير رسالة مسهبة بعنوان «نصف الليل في الصحراء» وقصتين تمثيليتين بعنوان «الوقت وآل كونوأي» و«كنت هنا من قبل» وتدور حوادثهما على استكناه أسرار الزمن، وهل المستقبل موجود منذ الأزل؟ وهل نساق إليه قسرا؟ أم نحن نصنعه بتصرفاتنا وأفعالنا مختارين؟ وإذا كان الزمن هو هذه اللفائف التي تطوى؛ فهل لطوله نهاية؟ أم هو غيب مستغلق؟ أم أن الأفكار التي تمر ببالنا هي التي ترسمه كما يقول الفيلسوف العظيم نيتشه؟
ومثل هذا الكاتب المتميز بصفاته الجوهرية، ومثل سماعه الذين يتبعونه بالتصفيق والتهليل، صورة من إنجلترا الجديدة التي تبدو أبعد تأملا في الحياة، وإن دل ذلك على شيء فعلى تحول جديد، قوامه الجرأة في التعبير على نطاق شامل مطابق للحقيقة، ولنأخذ على سبيل التدليل اتجاه «ألدس هكسلي
Aldous Huxley » هذا الذي يشار إليه بالبنان ويبدو حجة في كل الاتجاهات التي يرمي إليها، إن طول قامته ستة أقدام وسبع بوصات، فهو أول عملاق ينصبه التاريخ مرشدا للعقول، وكان في صغره طفل معجزات فأشار إليه «مارسيل بروست
Marcel Proust » في كتابه «البحث عن الوقت المفقود» كعلم من أعلم الأدب الأوروبي الحديث مع أنه لم يكن تجاوز في ذلك الحين العشرين من عمره.
ألدس هكسلي
وهو مزاج من إرادة لا تلين، وعزيمة لا يخمد أواراها، ودأب لا يخفف منه اعتلال صحته، وتحزب أعمى لآرائه، وقد جعل منه كل أولئك أشهر مؤلف إنجليزي معاصر، له اتجاهاته المتشعبة في الأدب الإنجليزي وإحاطاته المتساوقة بالآداب الفرنسية والألمانية والإيطالية واللاتينية والإغريقية، هذا إلى توجيه رفيع لفن القصة، وتلك الرشاقة وخفة الروح اللتين يجري بهما الحوار مع القصد في تصوير الطبائع، فهو لا مشبه له عندنا ولا ند له في هذا.
وينظر «ألدس هكسلي» في عمله إلى مستقبل حافل بالطمأنينة كأديب بارز ولكنه لا يقنع بذلك لأنه يدرك أن من واجب الرجل الفنان أن يوجه نفسه حيث يشاء نبوغه، على أن يكون هذا التوجيه لخير المجتمع؛ ولذلك فقد كتب عن «الدنيا الجديدة الباسلة» فأنجز بكتابه هذا أعظم عمل فني رفيع، ومع ما توخى فيه من البساطة والسهولة، فقد أعده هجوما على المدنية الأوروبية حاشدا فيه من ألوان الفكر والمعرفة ما لم يحشده الفيلسوف «إشبنجلر
Spengler » في مجلديه الشهيرين.
Halaman tidak diketahui