قالت: «كيف لا أعرفه؟! فليدخل.»
فخرجت بربارة وعينا أرمانوسة تشيعانها، وقد أحست بارتعاش جسدها وبرود أطرافها، ولم تصدق أن أركاديوس على بضع خطوات منها، ولما وقع نظره عليها نزع خوذته عن رأسه، واقترب منها وهي جالسة تحاول الوقوف فيقعدها الحياء والرعشة. أما هو فمد يده يصافحها فأحس ببرد أناملها وارتعاشها، ونظر إلى وجهها فرأى الحياء يعلوه، وقد أطرقت لا تستطيع النظر إليه لشدة انفعالها.
ولكنها ظلت ممسكة بيده، وهو ينظر إلى تلك اليد الجميلة البضة تزيد جمالها الخواتم الثمينة المرصعة، وبقيا لحظة صامتين والهوى يتكلم، ثم بدأ هو فقال: «كيف حال ذلك الخاتم يا أرمانوسة؟»
فرفعت رأسها ونظرت إليه والحياء يمنعها عن الجواب، ثم أطرقت وقد ازداد خفقان قلبها حتى كاد يغمى عليها، فشعر أركاديوس بذلك فأراد مداعبتها، فقال وهو يضغط بأنامله على يدها: «أين وضعت ذلك الخاتم؟»
فنظرت إليه وهي تبتسم، وتنهدت وأشارت بيدها الأخرى إلى قلبها، تريد أن الخاتم في قلبها، وازداد وجهها احمرارا.
فقال: «وماذا فعلت بقسطنطين؟»
فجذبت يدها من يده والتفتت إليه شبه مغضبة، كأنها تقول له: «لا تذكرني بمصائبي.» فقال: «ولم لم تذهبي مع رسوله وهو ينتظرك عند بحر دمياط؟»
فلم تتمالك نفسها عند ذلك وقالت: «دعني ومصائبي يا أركاديوس. كفاني ما قاسيته.»
فتناول كرسيا كان إلى جانبه وجلس، وقد أخذ منه الهيام مأخذا عظيما، فأمسك بيدها وضغط عليها قائلا: «بل كفاني توبيخا يا أرمانوسة.»
قالت: «ومن قال لك أني أوبخك؟» قال: «عيناك.»
Halaman tidak diketahui