وفى هذا الفن مسألة: كيف جاز أن يقول القائل إن للنفس أجزاء، وكم هى. وأخلق بها من هذه الجهة ألا تكون لها نهاية، وذلك أنها لا تقف على ما حصل أقوام فقالوا إنها ثلاثة: فكر وغضب وشهوة، وما قال آخرون إنها ذات نطق وغير نطق. لأنه بقدر الفصول التى فصلوا لها فعرفوا بعضها من بعض — بقدر ذلك بعدت الأجزاء الباقية بعضها من بعض، ونحن قائلون عنها فى وقتنا هذا: ليس يسهل على أحد إثبات القوة الحاسية فى عداد ذوى النطق، أو فيما لا نطق له؛ ومن يرى القوة الغاذية فى جميع الزمان وفى جميع النامية؛ والمعاياة كثيرة فى القوة المصورة للأشياء فى التوهم كيف كانت فى حال غير سائر القوى — وفى 〈أى〉 حال هى وهى شىء واحد، هذا ومثله يلزم من أراد إثبات أجزاء النفس على حد تفرق؛ ومع هذا فانا نجد الشوق وهو الأرب غير هذه الأجزاء جميعا بالمعنى وبالقوة، ومن القبيح أن نقرنها، لأن الروية فى الفكر، والشهوة والغضب فى الجزء الذى لا نطق فيه؛ وإن كانت النفس ثلاثة أجزاء ففى كل واحد منها شوق وهو الأرب.
Halaman 80