213

Arbain Hadithan

الاربعون حديثا

Genre-genre

تنقص من خزائن رحمتك ، ولم تخل خطاياهم بمملكتك . فماذا انت صانع بقبضة تراب لا تساوي شيئا عند اعتاب عظمتك سوى ان تشملها برحمتك وعنايتك ؟ ايمكن ان نأمل غير الرحمة من لطفك ؟

فعلى الانسان ، اذا ، ان يتردد بين هاتين النظرتين . فلا هو يغمض عينيه عما فيه من نقص وقصور في القيام بالعبودية ، ولا هو ينسى سعة رحمة الحق جل جلاله وعنايته وشموليتهما .

فصل: في بيان مراتب الخوف ودرجاته

اعلم ايها العزيز ، ان للخوف والرجاء مراتب ودرجات حسب حالات العباد ومراتب معرفتهم . فخوف العامة يكون من العذاب وخوف الخاصة يكون من العتاب ، وخوف اخص الخاصة يكون من الاحتجاب . ولكننا لسنا الآن بصدد شرح ذلك ، وانما سنشير الى الموضوع السابق ببيان آخر .

فاعلم ان ليس احد من المخلوقات بقادر على عبادة الحق تعالى حق عبادته . لان العبادة هي الثناء على مقام ذات الله المقدسة ، وثناء كل شخص فرع معرفته بمن يثني عليه . ولما كانت يد ارجاء العباد ، في الحقيقة قصيرة ، عن عز جلال معرفة ذاته المتعال ، فهم اذا ليسوا قادرين بالثناء على جماله وجلاله . وقد اعترف بذلك اشرف الخلائق واعرف الكائنات بمقام الربوبية :

«ما عبدناك حق عبادتك وما عرفناك حق معرفتك» (1) حيث الجملة الثانية هي بمثابة التعليل للجملة الاولى ، اذ قال :

«انت كما اثنيت على نفسك» (2) .

اذا ، فالقصور الذاتي من حق الممكن ، والعلو الذاتي خاص بذات كبرياء الله جل جلاله . ولما كان العباد قاصرين عن الثناء على الله تعالى وعن عبادة ذاته المقدسة . ومن دون معرفة الحق سبحانه وعبوديته لا يمكن لأحد من عباده ان يبلغ المقامات الكمالية والمدارج الاخروية ، كما هو ثابت ومبرهن عليه عند علماء الآخرة في محله ، ولكن العامة غافلون عن ذلك ، ويحسبون المدارج الاخروية جزافا او شبيهة بالجزاف تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لما كان كذلك فقد فتح الله تعالى بلطفه الشامل ورحمته الواسعة بابا من الرحمة والرعاية بالعباد عن طريق تعليمات الوحي الغيبية والالهام ، وبوساطة الملائكة والانبياء : ذلك هو باب العبادة الاربعون حديثا :218

Halaman 217