153

مظلما انتقاصيا ، حتى يصبح القلب كله نيرا او مظلما ، منخرطا في سلك السعداء او الاشقياء . اذا ، فما دمنا في دار العمل وفي هذه المزرعة ، فاننا نستطيع بارادتنا ان ندفع بقلوبنا اما الى السعادة واما الى الشقاء ، لان المرء رهين بعمله وفعله : «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعلم مثقال ذرة شرا يره» (1) .

فصل: في بيان بعض اقسام النفاق

اعلم ايها العزيز ان من مراتب النفاق وذي اللسانين والوجهين ، النفاق مع الله تعالى والتوجه الى مالك الملوك وولي النعم بوجهين ، حيث نكون من المبتلين به في هذا العالم ونحن غافلون عنه . لان استار الجهل الكثيفة وحجب الانانية المظلمة وحب الدنيا وحب الذات مسدولة عليه ومختفية عنا ومن الصعب جدا ان ننتبه له قبل انكشاف السرائر ، ورفع الحجب ، والظعن عن دنيا الطبيعة ، وشد الرحال عن دار الغرور ودار الجهل والغفلة .

اننا الآن غارقون في نوم الغفلة ، محكومون لسكر الطبيعة ، والميول والرغبات التي تزين لنا كل قبائح الاخلاق وفساد الاعمال ، واذا ما استيقظنا وصحونا من هذه السكرة العميقة يكون قد فات الاوان . اذ نجد انفسنا قد صرنا في زمرة المنافقين وذي والجهين واللسانين وحشرنا بلسانين من نار ، او بوجهين مشوهين بشعين ! وعندئذ لن تنفعنا نداءاتنا «رب ارجعون» (2) اننا نجاب ب «كلا» . ان صفة التلون هذه تكون بحيث اننا انا وانت نقضي كل عمرنا ونحن نظهر التمسك بكلمة التوحيد ، وندعي الاسلام والايمان ، بل المحبة والمحبوبية ، وغير ذلك من الادعاءات على قدر ما نشتهي ونحب .

فاذا كنا من عامة الناس وعوامهم ادعينا الاسلام والايمان والزهد والخلوص .

واذا كنا من اهل العلم والفقه ، ادعينا كمال الاخلاص والولاية وخلافة الرسول ، متشبثين بما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال : «اللهم ارحم خلفائي» (3) ، ويقول الامام صاحب الزمان روحي له الفداء : «انهم حجتي» (4) وغير ذلك من الاقوال المنقولة عن ائمة الهدى سلام الله عليهم في شأن العلماء والفقهاء .

Halaman 157