Arbacin Mughniyya

Saladin d. 761 AH
166

Arbacin Mughniyya

كتاب الأربعين المغنية بعيون فنونها عن المعين

Genre-genre

608- وهذه الخصال التي أقر بها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هي مجامع الخير وأسباب النجاح؛ لأن الأعمال إما قاصرة على الشخص أو متعدية عنه على غيره، فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى القاصرة بقوله: ((وصلوا بالليل والناس نيام))؛ فإن الصلاة سبب لكل خير، ورادع عن كل سوء، كما قال تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}، وهي مقتضية لحضور القلب بين يدي الله تعالى والخشوع له والخضوع ودوام المراقبة، ومشتملة من أعمال القلوب والألسن والجوارح فرضا وندبا على ما لا يشتمل عليه غيرها، وقد نهي فيها عن أعمال وأقوال لم ينه عنها في غيرها، كل ذلك ليتوفر المكلف على الإقبال عليها، وإحضار قلبه بين يدي الله تعالى فيها، ولهذا كانت أفضل أعمال البدن عند الشافعي رحمه الله وكثير من أهل العلم، فمن أدمنها نفلا، وخصوصا في وقت الليل عند نوم الناس وغفلتهم ووقت تنزل الرحمة واستجابة الدعاء وقرب العبد من ربه عز وجل كان ذلك سببا لتكثير الطاعات من غيرها أيضا، وباعثا على كل خير، ومانعا من كل شر. وأما الأعمال المتعدية إلى الغير، فالغير إما قريب أو بعيد والقريب أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم، وقد تقدم حكم ذلك وكل منهما، فإيصال النفع إليه إما بالقول أو الفعل، فنبه صلى الله عليه وسلم بإطعام الطعام على إيصال النفع الفعلي، ويدخل في حكمه كسوة العاري وسقي الظمآن وإركاب الماشي وأشباه ذلك. ونبه بإفشاء السلام على النفع القولي، فيدخل في معناه أيضا كل ما في معناه من النفع بالقول، كالشفاعة له وتعليمه الخير ونحو ذلك، وفي الأمر بإفشاء السلام أيضا معنى آخر، وهو ما يتضمن من التآلف واستجلاب المودة، وفي ذلك مصلحة عظيمة من اجتماع قلوب المسلمين وتناصرهم وتعاضدهم، وقد ورد إفشاء السلام مفسرا في حديث آخر صحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((أن تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)).

609- وبسط الكلام على هذا الحديث ليس هذا موضعه، والله أعلم.

Halaman 468