Empat Surat
أربع رسائل لقدماء فلاسفة اليونان وابن العبري
Genre-genre
إنه ينبغي أن يعود الصبي أن لا يبادر إليه حتى يوضع، ولا ينظر إليه نظر الشره، وأن يحتال في تصغير قدر الطعام في عينه، وإن ظهر منه شيء من الشره أن يعير به، ويبين له قبحه ويعلم أن الشره من طريقة الخنزير فمن شاركه فيه لم يكن بينه وبينه فرق، وإذا جلس على الطعام من هو أكبر منه فلا يمد يده إلى الطعام قبله إلا أن يؤمر بذلك، ولا يأكل إلا من بين يديه، ولا يكثر من مد يده مرة إلى شيء ومرة إلى آخر، ولكن يقتصر في أكثر أكله على شيء واحد، ولا يرغب في كثرة الألوان ولا يسرع في الأكل، ولا يعظم لقمه، ولا يلطخ يديه ولا فمه ولا ثيابه ولا يلطخ أصابعه، ولا يكون آخر من يرفع يده عن الطعام، ولا ينظر إلى أحد ممن يأكل معه، ولا سيما إن كان غريبا.
وينبغي أن يفهم الصبي أن الطعام إنما يحتاج إليه كما يحتاج إلى الدواء، فكما أنه ليس يقصد من الدواء إلى أن يكون لديدا (لذيذا) أو كىيرا (كثيرا) وإنما يقصد إلى منفعته، فكذلك ليس القصد من الطعام إلى لدته (لذته)، ولا كىرته (كثرته) وإنما القصد إلى (87) مقدار منفعته، ويعود الصبي أن ينيل من سأله مما يطعم، فإنه يستفيد من ذلك ضبط الشهوة والسخاء والتجنب.
ويعود القناعة بأخس الطعام والاقتصار على الخبر (الخبز) بلا أدم، فإن هذه العادة تعينه على العفة وظلف النفس وقلة الرغبة في المال، والرغبة في المال مذمومة في نفسها، وهي مع ذلك ربما دعت إلى اكتسابه من وجوه قبيحة إذا لم ىتها (يتهيأ) كسبه من وجوهه (وجوه) جميلة. والقناعة بأخس الطعام جميلة بالفقير والغني إلا أن الفقير إليها أحوج وهي بالغنى أجمل، وينبغي للصبي أن لا يستوفي العداء (الغداء) وأن استيفاءه للطعام وقت عشائه، فإن ذلك نافع له في ذهنه وصحة بدنه؛ لأنه إن استوفى طعامه بالنهار تقل (ثقل) واعتراه الكسل، واحتاج إلى النوم وعلط (غلظ) ذهنه عن قبول الأدب، وليس ينبغي أن يعود الصبي التكاسل والنوم بالنهار بل يعود النشاط والحركة والحرص على الأدب، وهذا التدبير أيضا للرجل أجود فإن عوده من صباه كان أسهل عليه وأنفع له، ولا يكون أكثر أكله اللحوم والأشياء الغليظة، فإن تركهما أنفع له في الذكاء وصحة البدن وفي سرعة النشوء؛ لأن العداء (الغذاء) الثقيل يثقل الطبيعة ويمنعها من النشوء. ويعود (88) الصبي الإقلال من الحلو والفواكه، فإن ذلك أنفع له في نفسه وبدنه: أما في نفسه فلين (فلأنه) لا يغلب عليه الترفه وحب اللذات، وأما في بدنه فلسرعة استحالة الأشياء الحلوة والفواكه وفسادها في الأبدان الحارة، ويعود الصبي أن يكون شربه بعد الفراغ من طعامه فإن ذلك أصلح لبدنه ونفسه، أما لنفسه فلضبطه لها، وأما لبدنه فلأن ذلك أعون له لاستمراء الطعام وأحدر (وأجدر) أن يقوي بدنه. وقد عرف ذلك من جربه وعلماء الأطباء يشيرون به، والمستعملون الانببده (الأنبذة) يعلمون به.
ووقت الطعام بالنهار للصبي هو الوقت الذي يكون قد فرغ فيه من وظيفته التي يتعلمها وتعب تعبا كافيا. ومتى رأيت الصبي يأكل الشيء، وهو يحب أن ىحفى (يخفي) أكله إياه، فامنعه منه فإنه لم يستر أكله إلا وقد علم أنه لا يحتاج إليه وأنه في أكله له مخطئ، ويعود الصبي أن لا يشرب الماء على عدايه (غذائه) ولا سيما في الصيف فإنه إذا شرب تقل العدا (ثقل الغذاء) وفتر بدنه وكسل ونفد الطعام أيضا عن معدته سريعا واحتاج إلى غيره، وإن كان الشتاء فهو مع ذلك يبرد البدن، وىحمل (ويجمل) بالصبي أن يضبط نفسه عن شرب الماء في أوقات سعله (شغله) بالتعلم وحصور (وحضور) من يجب إجلاله، ولا ينبغي أن يقرب الصبي النبيذ (89) حتى يصير إلى حد الرجال؛ لأنه يضره في بدنه ونفسه. أما في بدنه فلأنه يسخنه وهو لا يحتاج إلى سخونة لحرارته، وأما في نفسه فإذا كان النبيذ يغير أذهان الرجال المحنكين، ويخرجهم إلى السخف وسرعة الغضب ورداءة الفكر والقحة والتهور، فالصبي أحرى أن يفعل ذلك به
5
ودماع (دماغه) مع هذا رقيق، فىخار (فبخار) النبيذ يسرع إلى إفساده لقوته عليه، ولا ينبغي للصبي أن يحضر مجالس النبيذ إلا أن يكون من فيها من أهل الأدب والفضل. فأما مجالس العوام فلا، وذلك لما ىحرا (يجري) فيها من قبيح الكلام ويطهر (ويظهر) في أهلها من السخف.
أدب الولد في نومه ولبسه
وأما النوم فىفدر (فيقدر) للصبي منه مقدلد (مقدار) حاجته، ويمنع من أن يستعمله للنلد (للتلذذ) به فإن كثرة النوم صارا (ضارة) له في بدنه ونفسه؛ لأنه يرخي البدن ويفتحه (ويفنخه)، ويغلط الدهن (ويغلظ الذهن) ويميت القلب.
وينبغي أن يمنع الصبي من أن ينام إذا أكل حتى ينحط الطعام ويستقر قراره، وينبد (وينبه) في السحر لينفض عن بدنه ما اجتمع فيه من الفضول والأوساخ فيخف؛ لأنه ليس شيء أعون على الذكاء من ذلك، ولا أبلغ في نشاط البدن وصحته، ولا وقت أجود للمتعلم من وقت الغداة، والرجل أيضا يحتاج إلى أن ينبه في السحر، فإذا أعود (90) (عود) ذلك من صباه كان عليه أسهل، ويمنع الصبي من النوم بالنهار إلا إن احتاج إليه لضعف أو لعلة، ولا يعود الصبي النوم بحضرة الناس؛ لأنه مع ما في ذلك من القبح يدل على أنه ليس بمالك لنفسه، ولا ضابط لها عن اللذة، والفراش الوطيء رديء للصبي؛ لأنه يرخيه ويفنخه والصبي يحتاج إلى أن يصلب وتشتد نفسه، ولين (ولئن) مال (ينال) الصبي طرف من البرد في الشتاء ومن الحر في الصيف خير له من أن لا يناله شيء منها (منهما)، ومن لم ينله شيء من ذلك كان بدنه رقيقا ضعيفا، وكانت نفسه أيضا رخوة خوارة، وكذلك المشي والعدو والركوب والحركة خير للصبي من السكون والدعة والحفط (والحفظ؟) والدلال .
وينبغي أيضا أن لا يعود الصبي لبس اللين والرقيق، وأن لا يلبر (يكبر) في نفسه هيبة اللباس، وأن يفهم أن ذلك إيما (إنما) يليق بالنساء والمترفين وأن ذلك يدعوه إلى محبة المال، وقد بينا أن محبة المال رديئة في نفسها داعية إلى ما هو أردى (أردأ) منها. ولا ينبغي أيضا أن يخرج بلا رداء، ولا يرخي يديه (91) ولا يضمهما إلى صدره ولا يكسف (يكشف) ساعده، ولا يسرع في مشيه جدا ولا يبطئ فيه جدا، فإن السرعة في المشي تدل على التهور والإبطاء فيه يدل على التيه والكسل، وكشف الساعد من فعل الوقاح وإرخاء اليدين من الاستخفاف بالناس.
Halaman tidak diketahui