يمكن أن نعرف الإنسان هكذا: الإنسان حيوان ذو بندقية. هب له بذلة جميلة وأمل المضي إلى الحرب يطب نفسا؛ لهذا جعلنا الجندية أشرف المهن، وهو الصواب من جهة أنها أعرقها في القدم؛ لأن أبناء آدم الأولين تقاتلوا أولا.
والجندية ملائمة للطبيعة الإنسانية من جهة أن الإنسان في الجيش لا يفكر مطلقا، ومن البين أننا لم نخلق لنفكر، فالتفكير داء خاص ببعض الناس، إذا عم كان منذرا بفناء النوع.
ويعيش الجنود جماعة، والإنسان حيوان اجتماعي، ويلبسون ملابس زرقاء بيضاء، وزرقاء حمراء، ويتزينون بالحرير والريش، مما يجعل لهم على البنات فضل الديك على الدجاجة.
والجنود في الحرب يطمعون في السلب والسبي، والإنسان سراق شهواني، مخرب محب للمجد، بالطبع، إن حب المجد هذا هو الذي يهيب بقومنا الفرنسيس خاصة إلى حمل السلاح، وحسبك لتتيقن من ذلك أن تقرأ التواريخ. ***
نظرت مليا في فلسفة القانون، فعلمت أن العدل الاجتماعي بتمامه يقوم على قاعدتين؛ أولاهما: أن السرقة محرمة، وثانيتهما: أن ثمرة السرقة مقدسة. هذان هما المبدآن اللذان يكفلان للأفراد السلامة، وللدولة الأمن والنظام، فإذا جحد أحدهما أو أغفل انهار البناء كله.
وضع هذان المبدآن في فجر التاريخ يوم تقدم الرئيس رجاله، وهو مكتس جلد دب، مسلح بفأس من الصوان، متقلد خنجرا من نحاس، فدخلوا السور حيث تركوا أولاد القبيلة مع قطعان النساء والوعول، عادوا يسوقون أبناء القبيلة المجاورة وبناتها، ويحملون الحجارة الساقطة من السماء، الثمينة لأن منها تصنع السيوف التي لا تنثني، فوقف الرئيس على مرتفع من الأرض في وسط الحمى، وقال: غنمت هؤلاء العبيد وهذا الحديد من القوم الضعاف اللئام، فهم لي، ومن مد إلى عبيدي وحديدي يدا، أهويت على رأسه بهذا الفأس.
وهذا هو أصل القوانين ، روحها عريق في القدم والبربرية، والعدل يطمئن كل الناس؛ لأنه يحمي كل المظالم. ***
لا أدري فرقا عظيما بين الكل واللاشيء، ويبدو لي أن اللسان عاجز عن التمييز بينهما، إن اللانهاية تشبه العدم شبها تاما، فكلاهما يستحيل تصوره، ورأيي أن الكمال يكلف ثمنا غاليا، فهو إنما يشرى بالوجود، ويجب على من شاء أن يوصف به أن يضيع وجوده، تلك بلية لم يسلم منها الله نفسه منذ خطر للفلاسفة أن يجعلوه كاملا.
فإذا كنا بعد هذا لا نعلم ما العدم، فنحن نجهل أيضا ما الوجود، ونحن بالجملة لا نعلم شيئا، يقولون: إن من المستحيل أن يتفاهم البشر، أما أنا فأقول من المستحيل - رغم ضجيج المجادلات - ألا يتفقوا في النهاية، متى دفنوا جنبا لجنب تحت ركام المناقضات التي يجمعونها من أقدم الأزمنة حتى بنوا منها جبلا فوق جبل. ***
ليس الموقف أو الحادث في القصص لمن يوفق إليه أولا، بل لمن يثبته بقوة في حافظة البشر.
Halaman tidak diketahui