Ar-Raheeq Al-Makhtum
الرحيق المختوم
Penerbit
دار الهلال
Nombor Edisi
الأولى
Lokasi Penerbit
بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)
Genre-genre
أصحابه، وإذا معهما عهد من رسول الله ﷺ لم يشعر به، فلما قدم أخبر رسول الله ﷺ بما فعل، فقال: لقد قتلت قتيلين لأدينهما وانشغل بجمع دياتهم من المسلمين وحلفائهم اليهود «١»، وهذا الذي صار سببا لغزوة بني النضير كما سيذكر.
وقد تألم النبي ﷺ لأجل هذه المأساة، ولأجل مأساة الرجيع اللتين وقعتا خلال أيام معدودة «٢» تألما شديدا، وتغلب عليه الحزن والقلق «٣»، حتى دعا على هؤلاء القوم والقبائل التي قامت بالغدر والفتك في أصحابه، ففي الصحيح عن أنس قال: دعا النبي ﷺ على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحا، يدعو في صلاة الفجر على رعل وذكوان ولحيان وعصية، ويقول: عصية عصت الله ورسوله، فأنزل الله تعالى على نبيه قرآنا قرأناه حتى نسخ بعد: «بلغوا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه» فترك رسول الله ﷺ قنوته «٤» .
غزوة بني النضير
قد أسلفنا أن اليهود كانوا يتحرقون على الإسلام والمسلمين، إلا أنهم لم يكونوا أصحاب حرب وضرب، بل كانوا أصحاب دس ومؤامرة، فكانوا يجاهرون بالحقد والعداوة، ويختارون أنواعا من الحيل، لإيقاع الإيذاء بالمسلمين دون أن يقوموا للقتال، مع ما كان بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق، وأنهم بعد وقعة بني قينقاع، وقتل كعب بن الأشرف خافوا على أنفسهم، فاستكانوا والتزموا الهدوء والسكوت.
ولكنهم بعد وقعة أحد تجرؤوا، فكاشفوا بالعداوة والغدر، وأخذوا يتصلون بالمنافقين وبالمشركين من أهل مكة سرا، ويعملون لصالحهم ضد المسلمين «٥» .
وصبر النبي ﷺ، حتى ازدادوا جرأة وجسارة بعد وقعة الرجيع وبئر معونة، حتى قاموا بمؤامرة تهدف القضاء على النبي ﷺ.
وبيان ذلك أنه ﷺ خرج إليهم في نفر من أصحابه، وكلمهم أن يعينوه في دية
(١) انظر ابن هشام ٢/ ١٨٣ إلى ١٨٨، وزاد المعاد ٢/ ١٠٩، ١١٠، صحيح البخاري ٢/ ٥٨٤، ٥٨٦.
(٢) ذكر الواقدي أن خبر أصحاب الرجيع وخبر أصحاب بئر معونة أتى النبيّ ﷺ في ليلة واحدة.
(٣) روى ابن سعد عن أنس ما رأيت رسول الله ﷺ وجد على أحد ما وجد على أصحاب بئر معونة «مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص ٢٦٠» .
(٤) البخاري ٢/ ٥٨٦، ٥٨٧، ٥٨٨.
(٥) يؤخذ ذلك مما رواه أبو داود في باب خبر النضير ٣/ ١١٦، ١١٧ «عون المعبود شرح سنن أبي داود» .
1 / 268