193

Ar-Raheeq Al-Makhtum

الرحيق المختوم

Penerbit

دار الهلال

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)

Genre-genre

وأما المسلمون فبعد أن استنصروا ربهم، واستغاثوه، وأخلصوا له، وتضرعوا إليه، تلقوا هجمات المشركين المتوالية، وهم مرابطون في مواقعهم، واقفون موقف الدفاع، وقد ألحقوا بالمشركين خسائر فادحة، وهم يقولون: أحد أحد. الرسول ﷺ يناشد ربه: وأما رسول الله ﷺ، فكان منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف يناشد ربه ما وعده من النصر، ويقول: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك» . حتى إذا حمي الوطيس، واستدارت رحى الحرب بشدة، واحتدم القتال، وبلغت المعركة قمتها، قال: «اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا» . وبالغ في الإبتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فرده عليه الصديق، وقال: حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك. وأوحى الله إلى ملائكته: أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا، سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ، وأوحى إلى رسوله: أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ- أي أنهم ردف لكم، أو يردف بعضهم بعضا أرسالا، لا يأتون دفعة واحدة. نزول الملائكة: وأغفى رسول الله ﷺ إغفاءة واحدة، ثم رفع رأسه فقال: أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع، أي: الغبار. وفي رواية إسحاق: قال رسول الله ﷺ: «أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع» . ثم خرج رسول الله ﷺ من باب العريش، وهو يثب في الدرع، ويقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر: ٤٥]، ثم أخذ حفنة من الحصباء، فاستقبل بها قريشا وقال: شاهت الوجوه، ورمى بها في وجوههم، فما من المشركين أحد إلا أصاب عينه ومنخريه وفمه من تلك القبضة، وفي ذلك أنزل الله: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [الأنفال: ١٧] . الهجوم المضاد: وحينئذ أصدر إلى جيشه أوامره بالهجمة المضادة فقال: شدوا، وحرضهم على القتال، قائلا: والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، وقال وهو يحضهم على القتال، قوموا إلى جنة عرضها السموات

1 / 197