147

Dwerg Gergasi

أقزام جبابرة

Genre-genre

وعاد الناس عند الظهر نافضين أيديهم من تراب الفقيد، ما عدا الكلب فإنه نام على التراب المهال على باب القبر، كان يشق عينيه إذا ناداه من مر باسمه، ثم يغرق في كآبته العميقة.

وعند الصباح رأى الناس التراب منبوشا، والكلب قد لفظ أنفاسه فيما حفر، فجروه من المنطقة المكرسة. وظلوا عاما يتحدثون عن وفاء غبار ويخلقون لموته أسبابا وعللا.

أما القول الفصل فكان حين فتح باب قبر حنا، بعد سنة ونصف، بوجه ضيف جديد، رأوا أشلاء حنا مبعثرة خارج تابوته، فعلموا أن «غبار» مات حزنا وجزعا على صاحبه إذ لم يستطع إنقاذه.

الجنون فنون

عرفته يوم كنت في أسكلة جبيل، وإني لأضحك من نفسي كلما تذكرت كيف تهيبت صمته وسمته يوم اجتمعت به. عرفته - أول مرة - في سهرة عند أحد أبناء عمومته فرأيت عجبا: صدرا عريضا نافرا كالترس، ورأسا كالبطيخة كأنه ودع موقتا بين كتفيه الناشزتين، تندلق تحت ذقنه غدة تخفي رقبته القصيرة، عينان تبصان فوق أنف صغير بالقياس إلى ذلك الوجه المفرطح.

راعني صمته فحسبت له حسابا، وأخذت ألملم أطراف حديثي وأزن كلماتي، أحكي وعيني معلقة بوجهه، أنتظر كلمة من فيه لأعرف زيادته أو نقصه كما علمني العم زهير، ولكن إبراهيم لا يتكلم.

وانصرفنا وصاحبنا ما فرط بشيء من وقاره، فقلت لرفيقي في طريقنا إلى البيت: حقا الصمت زين.

فقال: تعني صمت الشيخ إبراهيم؟ هذا رجل مجنون عاقل.

قلت: مجنون عاقل! هذا فوق علمي، فسر، حفظ الله عقلي وعقلك.

فأجاب: تقول الناس إنه مجنون، ويقول هو: الناس مجانين، لا يفهمون عنه. يتحدث غالبا كالمجانين، وأحيانا كالعقال.

Halaman tidak diketahui