Jalan Terbaik dalam Mengetahui Keadaan Kerajaan
أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك
Genre-genre
وبهداية الله نستوضح مناهج الرشد والصواب. والجري في هذا المجال وإن كان فوق طاقتي، لكن إغضاء الفضلاء مأمول في جنب فاقتي، وصدق النية كافل إن شاء الله تعالى ببلوغ الأمنية.
المقدمة
لما كان السبب الحامل على الشيء متقدما عليه طبعا، ناسب أن نقدمه وضعا، ولم نكتف بالإيماء في الخطبة إلى ما دعانا لجمع هذا التأليف، بل رأينا من المهم أن نعود إلى إيضاحه هنا ونبني عليه ما أردنا إيراده في المقدمة، فنقول:
إن الباعث الأصلي على ذلك أمران آيلان إلى مقصد واحد؛ أحدهما: إغراء ذوي الغيرة والحزم من رجال السياسة والعلم، بالتماس ما يمكنهم من الوسائل الموصلة إلى حسن حال الأمة الإسلامية، وتنمية أسباب تمدنها بمثل توسيع دوائر العلوم والعرفان، وتمهيد طرق الثروة من الزراعة والتجارة، وترويج سائر الصناعات ونفي أسباب البطالة، وأساس جميع ذلك حسن الإمارة، المتولد منه الأمن، المتولد منه الأمل، المتولد منه إتقان العمل المشاهد في الممالك الأوروباوية بالعيان وليس بعده بيان. ثانيهما: تحذير ذوي الغفلات من عوام المسلمين عن تماديهم في الإعراض عما يحمد من سيرة الغير، الموافقة لشرعنا، بمجرد ما انتقش في عقولهم من أن جميع ما عليه غير المسلم من السير والتراتيب ينبغي أن يهجر، وتآليفهم في ذلك يجب أن تنبذ ولا تذكر، حتى إنهم يشددون الإنكار على من يستحسن شيئا منها. وهذا على إطلاقه خطأ محض؛ فإن الأمر إذا كان صادرا من غيرنا وكان صوابا موافقا للأدلة، لا سيما إذا كنا عليه وأخذ من أيدينا، فلا وجه لإنكاره وإهماله، بل الواجب الحرص على استرجاعه واستعماله. وكل متمسك بديانة وإن كان يرى غيره ضالا في ديانته، فذلك لا يمنعه من الاقتداء به فيما يستحسن في نفسه من أعماله المتعلقة بالمصالح الدنيوية، كما تفعله الأمة الإفرنجية، فإنهم ما زالوا يقتدون بغيرهم في كل ما يرونه حسنا من أعماله، حتى بلغوا في استقامة نظام دنياهم إلى ما هو مشاهد.
وشأن الناقد البصير تمييز الحق بمسبار النظر في الشيء المعروض عليه قولا كان أو فعلا، فإن وجده صوابا قبله واتبعه، سواء كان صاحبه من أهل الحق أو من غيرهم، فليس بالرجال يعرف الحق بل بالحق تعرف الرجال، والحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها.
ولما أشار سلمان الفارسي رضي الله عنه على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بأن عادة الفرس أن يطوقوا مدنهم بخندق حين يحاصرهم العدو؛ اتقاء من هجومه عليهم، أخذ رسول الله
صلى الله عليه وسلم
برأيه، وحفر خندقا للمدينة في غزوة الأحزاب، عمل فيه بنفسه ترغيبا للمسلمين. وقال سيدنا علي كرم الله وجهه: «لا تنظر إلى من قال، وانظر إلى ما قال.» وإذا ساغ للسلف الصالح أخذ مثل المنطق من غير أهل ملتهم وترجمته من لغة اليونان لما رأوه من الآلات النافعة، حتى قال الغزالي: «من لا معرفة له بالمنطق لا يوثق بعلمه.» فأي مانع لنا اليوم من أخذ بعض المعارف التي نرى أنفسنا محتاجين إليها غاية الاحتياج في دفع المكائد وجلب الفوائد؟
Halaman tidak diketahui