وهي ليست استثناء بين بنات جنسها فيما تفعله؛ فهي تفعل ما يفعلنه. لعلها تبالغ بعض الشيء في أفعالها وفي صراحتها بشكل يفتقر إلى الحيطة، ولعلها تغالي في حماسها ودأبها. كما أن قوى الشفاء لديها وإيمانها لا ينضبان أبدا. وبينما أسخر منها كما يفعل الآخرون جميعا، فإني أدافع عنها أيضا قائلة إنها لم يقدر لها أن تعيش حياة التحفظ والاستسلام، وإنما حياتها هي حياة عدم رضى لا ينتهي وقصص بؤس وتردد تسرها في نفسها. فثقتها عمياء، ومآسيها يندى لها الجبين، ومع ذلك فهي تنجو دون أضرار ظاهرة للعيان. كما أنها لا تتيح لنفسها مجالا للانجراف أو تسمح لحياتها بأن تتعطل، وبالنسبة إلي فإن مشهد حياتها ليس محبطا.
إنها بصدد نسيان عشيق في الوقت الراهن؛ زوج امرأة أخرى في المزرعة يشعر بغربة عن زوجته. اسمه روي، ويعمل عالم أنثروبولوجيا هو الآخر.
تقول كاي: «يا له من انحطاط لمغامراتي أن أغرم بشخص يعيش بالمزرعة! انحطاط شديد بحق؛ فهو شخص أعرف عنه كل شاردة وواردة.»
أخبرت كاي أنني أحاول أن أنسى رجلا قابلته في أستراليا، وأنني أعتزم نسيانه بالكامل عندما أنتهي من كتابي، وحينئذ سأبحث عن عمل جديد، ومكان أعيش فيه.
فردت قائلة: «لا داعي للعجلة؛ هوني على نفسك.»
عندما أفكر في كلمة «نسيان»، أجد لها وقعا مشجعا ومعتادا ويبعث على الحياة. وتتناغم الكلمة مع مزاج كاي الحالي. عندما يكون الحب نضرا وأمواجه عالية، تزداد كاي غموضا وترددا. وحينما ينحسر الحب، وتتغلب على أقسى فتراته، تمسي مفعمة بالحيوية ومسلية وصريحة ونزاعة إلى التحليل.
تقول كاي: «الحب ما هو إلا رغبة في أن يرى الإنسان انعكاس ذاته. الحب دوما يختزل في حب الذات. يا للحماقة! إنك لا تريدينهم، بل تريدين ما يمكنك الحصول عليه منهم. إنه هوس وخداع للذات. هل سبق أن قرأت مذكرات ابنة فيكتور هوجو؟ أعتقد أنها كانت ابنته.» «لا.» «ولا أنا. لكنني قرأت عن تلك المذكرات. الجزء الذي لا ينمحي من ذاكرتي وأذهلني بشدة ذلك الذي قرأت فيه أنها خرجت إلى الشارع بعد سنوات طويلة من الهيام الذي بلغ منها مبلغ الهوس بذاك الرجل، والتقت به. مرت به في الشارع، وإما أنها لم تتعرف عليه أو تعرفت عليه لكنها عجزت عن الربط بين هذا الرجل الماثل أمامها وذاك الذي وقعت في حبه في خيالها. لقد عجزت عن الربط بينهما تماما.»
5
عندما تعرفت على إكس في فانكوفر كان رجلا مختلفا. كان طالب دراسات عليا جادا لم يزل لوثريا، وكان قويا، وحازما، يراه البعض متشددا. وكانت زوجته مشتتة الفكر أكثر منه - وهي أخصائية علاج طبيعي تدعى ماري وتعشق الرياضة والرقص. ولعلك لو فكرت في الاثنين لقلت إنها على الأرجح هي من قد تفكر في التخلي عنه. وكانت شقراء ذات أسنان كبيرة ولثة ظاهرة. كما أنني شاهدتها وهي تمارس لعبة البيسبول خلال نزهة خلوية. ووقتئذ، كان يجب أن أنأى بنفسي بين الشجيرات لإرضاع صغيري. كنت أبلغ من العمر حينها 21 عاما؛ وكنت فتاة بسيطة المظهر، وأما لطفل رضيع؛ ممتلئة الجسم، قرنفلية البشرة، وأصدر أحكاما سوداوية على الآخرين، وأتمتع بطموحات متقدة. وحتى ذلك الحين، لم تكن العلاقة الجنسية تخطر لي على بال على الإطلاق.
جاء إكس إلى الأجمة وناولني زجاجة من الجعة. «ماذا تفعلين هنا؟» «أرضع صغيري.» «ولم يتحتم عليك إرضاعه هنا؟ لم يكن أحد ليكترث بأمرك على أية حال.» «لو فعلت لاستشاط زوجي غضبا.» «حسنا، اشربي هذه. من المفترض أن الجعة مفيدة لحليبك، أليس كذلك؟»
Halaman tidak diketahui