Bulan-bulan Musytari

Marwa Cabd Salam d. 1450 AH
132

Bulan-bulan Musytari

أقمار المشتري

Genre-genre

سألتها: «أين نيكولا؟» وخطر على بالي في نفس اللحظة تعرضها لحادث أو جرعة مخدرات زائدة. نيكولا ابنتي الكبرى. كانت طالبة بمعهد الموسيقى، ثم صارت نادلة، ثم أمست عاطلة عن العمل. لو كانت استقبلتني بالمطار، لربما تفوهت بما يسيء إليها. لربما سألتها عن خططها، وحينها كانت ستزيح شعرها للوراء بأناقة وتقول: «خطط؟» - وكأنها كلمة من اختراعي.

ردت جوديث: «كنت أعلم أن أول ما ستتكلمين عنه هو نيكولا.» «غير صحيح. قلت مرحبا وأنا ...»

قال دون محايدا: «سنحضر حقيبتك.» «أهي بخير؟»

أجابت جوديث بمرح مصطنع: «أنا متأكدة أنها بخير. لو كنت أنا التي لم تأت لاستقبالك لما بدوت قلقة هكذا.» «بالطبع كنت سأقلق.» «غير صحيح. نيكولا هي الطفلة المدللة للعائلة. إنها أكبر مني بأربع سنوات، كما تعلمين.» «من المفترض أن أعلم.»

قالت جوديث إنها لا تعرف مكان نيكولا تحديدا. وأضافت أن نيكولا تركت شقتها (مقلب القمامة هذا!) واتصلت هاتفيا بها (وهو حدث جلل أن تتصل نيكولا) لتقول إنها أرادت أن تعيش في عزلة عن الناس لفترة من الوقت، ولكنها بخير.

قالت جوديث بلطف أكبر ونحن في الطريق إلى شاحنتهم: «قلت لها إنك ستقلقين عليها.» تقدمنا دون حاملا حقيبتي. واستطردت قائلة : «لكن لا تقلقي. صدقيني، هي بخير.»

لم يرحني حضور دون؛ لم أكن أحب أن يسمع هذه الأشياء. تخيلت الحوارات التي لا بد أنها دارت بين جوديث ودون، أو بين دون وجوديث ونيكولا - لأن نيكولا وجوديث كانتا على علاقة طيبة في بعض الأحيان - أو بين دون وجوديث ونيكولا وغيرهم ممن لا أعرف حتى أسماءهم. لا بد أنهم تحدثوا عني. لا بد أن جوديث ونيكولا كانتا تتبادلان الملاحظات، وتقصان الحكايات؛ تحللان، وتأسفان، وتلومان، وتسامحان. ليتني أنجبت صبيا وفتاة، أو صبيين؛ لم يكونا ليفعلا ذلك؛ فمن المستحيل أن يعرف الصبية الكثير عن أمهم.

كنت أتصرف على النحو نفسه عندما كنت في سنهما؛ ففي سن جوديث، كنت أتحدث مع أصدقائي في مطعم الجامعة، وفي وقت متأخر من الليل ونحن نحتسي القهوة في غرفنا الرثة. بينما عندما كنت في عمر نيكولا، كانت نيكولا نفسها في سلة حمل الأطفال أو تتحرك في حجري، وكنت أحتسي القهوة أيضا طوال فترات العصاري المطيرة في فانكوفر برفقة صديقتي الوحيدة في الحي روث بودرو، التي كانت تعشق القراءة وتشعر بالارتباك كلما فكرت في حالها كما كنت أرتبك أنا شخصيا. كنا نتحدث عن أبوينا وطفولتنا، رغم أننا كنا في بعض الأحيان نعمد إلى تجنب الحديث عن زيجاتنا. كم كنا نسترسل في الحديث عن آبائنا وأمهاتنا، ونستنكر زيجاتهم، وطموحاتهم الخاطئة أو خوفهم من الطموح! وكم أهملناهم ونجحنا في إقصائهم عن حياتنا، وقررنا عدم قدرتهم على التغيير! يا للتبجح!

نظرت إلى دون وهو يمشي أمامي. كان فتى طويل القامة تبدو عليه الجدية والبساطة، ذا شعر أسود ثقيل، ولحية منمقة بدقة. بأي حق يسمع عني ويعرف تفاصيل حياتي التي ربما أكون قد نسيتها شخصيا؟ بدت لي لحيته وقصة شعره متكلفتين.

ذات مرة، عندما كان أبنائي صغارا، قال لي أبي: «أتعرفين تلك السنوات التي كبرت خلالها ... حسنا، لقد أمست ذكرى ضبابية بالنسبة لي. لا يسعني أن أميز بين سنة وأخرى من هذه الفترة.» شعرت وقتها بالاستياء. وتذكرت كل سنة منها بأسى ووضوح. كان بإمكاني أن أحزر كم كان عمري عندما كنت أذهب لمشاهدة فساتين السهرة في نافذة عرض محلات بينبو لملابس السيدات. كل أسبوع خلال الشتاء، كان يعرض فستان جديد في نافذة العرض وتسلط عليه الأضواء - هذا بترتر ومصنوع من قماش التل، وهذا وردي، وهذا أرجواني فاتح، وهذا أزرق غامق، وهذا أصفر - وأنا أقف متعبدة محرومة يقرصني البرد على الرصيف الموحل. كان بالإمكان أن أحزر كم كان عمري عندما زورت توقيع أمي على تقرير مدرسي متدني الدرجات، وعندما أصبت بالحصبة، وعندما قمنا بتجهيز الغرفة الأمامية. لكن السنوات التي كانت جوديث ونيكولا فيها صغيرتين - عندما كنت أعيش مع أبيهما - أمست ضبابية، نعم، ضبابية هي أفضل صفة تصف تلك الفترة. أتذكر أنني كنت أجفف الحفاظات على حبال الغسيل، وأعود لأجمعها وأطويها؛ ويمكنني أن أتذكر طاولة المطبخ في منزلين أقمنا بهما، ومكان سلة الملابس. أتذكر البرامج التليفزيونية - باباي رجل البحار، والمهرجون الثلاثة وفانوراما. وعندما كان برنامج فانوراما يعرض، يحين وقت إضاءة الأنوار وإعداد طعام العشاء. لكنني عجزت عن التمييز بين الأعوام. عشنا خارج مدينة فانكوفر في مدينة سكنية للمغتربين تدعى دورمير، أو دورمر أو دورماوس - شيء من هذا القبيل. كنت أنام كثيرا حينئذ؛ الحمل جعلني ناعسة طوال الوقت؛ وكذلك الرضاعة الليلية، وهطول الأمطار على الساحل الغربي. أتذكر أشجار الأرز التي يقطر ماء المطر من فوقها، ونبات الغار اللامع بقطرات المياه؛ تثاؤب الزوجات وغلبة النوم عليهن، والزيارات واحتساء القهوة وطي الحفاظات؛ الأزواج الذين يرجعون إلى بيوتهم ليلا من المدينة الواقعة على الضفة الأخرى. كل ليلة كنت أقبل زوجي لدى عودته إلى البيت في معطفه المبلل، وآمل أن يوقظني من النوم؛ كنت أعد له اللحم والبطاطس ونوعا من الخضراوات الأربع التي يسمح لي بطهيها. كان يتناول طعامه بشراهة مهولة، ويغلبه النعاس على أريكة غرفة المعيشة. أمسينا زوجين كالأزواج في أفلام الكرتون؛ كأننا في منتصف العمر وما زلنا في العشرينيات.

Halaman tidak diketahui