Orang Koptik dan Muslim: Dari Penaklukan Arab hingga Tahun 1922
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Genre-genre
فلما كان ليلة الجمعة النصف من جمادى، قبض على راهبين عندما خرجا من المدرسة الكهارية بعد العشاء الآخرة، فكان وقد اشتعلت النار في المدرسة ورائحة الكبريت في أيديهما، فحملا إلى الأمير علم الدين الخازن، والي القاهرة، فأعلم السلطان بذلك، فأمر بعقوبتهما، فما هو إلا أن نزل من القلعة وإذا بالعامة قد أمسكوا نصرانيا وجد في جامع الظاهر ومعه خرق على هيئة الكعكة في داخلها قطران ونفط، وقد ألقى منها واحدة بجانب المنبر وما زال واقفا إلى أن خرج الدخان، فمشى يريد الخروج من الجامع، وكان قد فطن به شخص وتأمله من حيث لم يشعر به النصراني، فقبض عليه وتكاثر الناس، فجروه إلى بيت الوالي وهو بهيئة المسلمين، فعوقب عند الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب، فاعترف بأن جماعة من النصارى قد اجتمعوا على عمل نفط وتفريقه مع جماعة من أتباعهم، وأنه ممن أعطي ذلك وأمر بوضعه عند منبر جامع الظاهر، ثم أمر بالراهبين فعوقبا فاعترفا أنهما من سكان دير البغل، وأنهما هما اللذان أحرقا المواضع التي تقدم ذكرها بالقاهرة غيرة وحنقا من المسلمين لما كان من هدمهم للكنائس ، وأن طائفة النصارى تجمعوا وأخرجوا من بينهم مالا جزيلا لعمل هذا النفط.
واتفق وصول كريم الدين ناظر الخاص من الإسكندرية، فعرفه السلطان ما وقع من القبض على النصارى، فقال: «النصارى لهم بطريرك يرجعون إليه ويعرف أحوالهم»، فرسم السلطان بطلب البطريرك عند كريم الدين ليتحدث معه في أمر الحريق وما ذكره النصارى من قيامهم في ذلك، فجاء في حماية والي القاهرة في الليل خوفا من العامة، فلما أن دخل بيت كريم الدين بحارة الديلم وأحضر إليه الثلاثة النصارى من عند الوالي، قالوا لكريم الدين بحضرة الوالي والبطرك جميع ما اعترفوا به قبل ذلك، فبكى البطرك عندما سمع كلامهم وقال: «هؤلاء سفهاء النصارى قصدوا مقابلة سفهاء المسلمين على تخريبهم الكنائس»، وانصرف من عند كريم الدين مبجلا مكرما فوجد كريم الدين قد أقام له بغلة على بابه ليركبها فركبها وسار، فعظم ذلك على الناس وقاموا عليه يدا واحدة، فلولا أن الوالي كان يسايره وإلا هلك، وأصبح كريم الدين يريد الركوب إلى القلعة على العادة، فلما خرج إلى الشارع صاحت به العامة: «ما يحل لك يا قاضي تحامي للنصارى وقد أحرقوا بيوت المسلمين وتركبهم بعد هذا البغال»، فشق عليه ما سمع وعظمت نكايته واجتمع بالسلطان، فأخذ يهون أمر النصارى الممسوكين ويذكر أنهم سفهاء وجهال، فرسم السلطان للوالي بتشديد عقوبتهم، فنزل وعاقبهم عقوبة مؤلمة فاعترفوا بأن أربعة عشر راهبا بدير البغل قد تحالفوا على إحراق ديار المسلمين كلها وفيهم راهب يصنع النفط، وأنهم اقتسموا القاهرة ومصر فجعلوا للقاهرة ثمانية ولمصر ستة، فكبس دير البغل وقبض على من فيه وأحرق من جماعته أربعة بشارع صليبة جامع ابن طولون في يوم الجمعة، وقد اجتمع لمشاهدتهم عالم عظيم، فضرى من حينئذ جمهور الناس على النصارى وفتكوا بهم وصاروا يسلبون ما عليهم من الثياب حتى فحش الأمر وتجاوزوا فيهم المقدار، فغضب السلطان من ذلك وهم أن يوقع بالعامة واتفق أنه ركب من القلعة يريد الميدان الكبير في يوم السبت، فرأى من الناس أمما عظيمة قد ملأت الطرقات وهم يصيحون : «نصر الله الإسلام، أنصر دين محمد بن عبد الله.». ... واتفق مع هذا مرور كريم الدين، وقد لبس التشريف من الميدان، فرجمه من هناك رجما متتابعا وصاحوا به: «كم تحامي النصارى، وتشد معهم.» ولعنوه وسبوه، فلم يجد بدا من العود إلى السلطان وهو بالميدان، وقد اشتد ضجيج العامة وصياحهم حتى سمعهم السلطان، فلما دخل عليه وأعلمه الخبر، امتلأ غضبا واستشار الأمراء، وقال للأمير ألماس الحاجب: «امض ومعك أربعة من الأمراء وضع السيف في العامة في حين تخرج من باب الميدان إلى أن تصل إلى باب زويلة، واضرب فيهم بالسيف من باب زويلة إلى باب النصر بحيث لا ترفع السيف عن أحد البتة.»، وقال لوالي القاهرة: «اركب إلى باب اللوق وإلى باب البحر ولا تدع أحدا حتى تقبض عليه وتطلع به إلى القلعة، وحتى لم تحضر الذين رجموا وكيلي يعني كريم الدين، وإلا وحياة رأسي شنقتك عوضا عنهم.»، فما غربت الشمس حتى أحضر ممن أمسك من العامة نحو مائتي رجل، فعزل منهم طائفة أمر بشنقهم وجماعة رسم بتوسيطهم وجمع رسم بقطع أيديهم، فصاحوا بأجمعهم: «يا خولد ما يحل لك ما نحن الذين رجمنا.» ... وما زالوا بالسلطان إلى أن قال للوالي: «أعزل منهم جماعة وأنصب الخشب من باب زويلة إلى تحت القلعة بسوق الخيل وعلق هؤلاء بأيديهم.»، فلما أصبح يوم الأحد، علق الجميع من باب زويلة إلى سوق الخيل، وجلس السلطان في الشباك، وقد أحضر بين يديه جماعة ممن قبض عليهم الوالي، فقطع أيدي وأرجل ثلاثة منهم، والأمراء لا يقدرون على الكلام معه في أمرهم لشدة حنقه، فتقدم كريم الدين وكشف رأسه وقبل الأرض وهو يسأل العفو، فقبل سؤاله.
وعندما قام السلطان من الشباك، وقع الصوت بالحريق في جهة جامع ابن طولون وفي قلعة الجبل وفي بيت الأمير ركن الدين الأحمدي، وفي صبيحة يوم هذا الحريق قبض على ثلاثة من النصارى وجد معهم فتائل النفط، فأحضروا إلى السلطان واعترفوا بأن الحريق كان منهم فلما ركب السلطان إلى الميدان على عادته، وجد نحو عشرين ألف نفس من العامة قد صبغوا خرقا بلون أزرق وعملوا فيها صلبانا بيضاء، وعندما رأوا السلطان صاحوا بصوت عام واحد: «لا دين إلا دين الإسلام، نصر الله دين محمد بن عبد الله، يا ملك الناصر يا سلطان الإسلام انصرنا على أهل الكفر ولا تنصر النصارى.»، فارتجت الدنيا من هول أصواتهم وأوقع الله الرعب في قلب السلطان وقلوب الأمراء، وسار وهو في فكر زائد حتى نزل بالميدان وصراخ العامة لا يبطل، فرأى أن الرأي في استعمال المداراة، وأمر الحاجب أن يخرج وينادي بين يديه من وجد نصرانيا فله ماله ودمه ... فخرج ونادى بذلك، فصاحب العامة وصرخت: «نصرك الله.»، وضجوا بالدعاء، وكان النصارى يلبسون العمائم البيض، فنودي في القاهرة ومصر من وجد نصرانيا بعمامة بيضاء، حل له دمه وماله، ومن وجد نصرانيا راكبا، حل له دمه وماله، ومنع الأمراء من استخدام النصارى وأخرجوا من ديوان السلطان، وكتب لسائر الأعمال بصرف جميع المباشرين من النصارى، وكثر إيقاع المسلمين بالنصارى حتى تركوا السعي في الطرقات وأسلم منهم جماعة كثيرة، وكان اليهود قد سكت عنهم في هذه المدة، فكان النصراني إذا أراد أن يخرج من منزله يستعير عمامة صفراء من أحد من اليهود ويلبسها حتى يسلم من العامة.
وأخيرا نودي في الناس بالأمان وأنهم يتفرجون على عادتهم عند ركوب السلطان إلى الميدان؛ وذلك أنهم كانوا قد تخوفوا على أنفسهم لكثرة ما أوقعوا بالنصارى وزادوا في الخروج عند الحد، فاطمأنوا وخرجوا على العادة إلى جهة الميدان ودعوا للسلطان وصاروا يقولون: نصرك الله يا سلطان الأرض، اصطلحنا، اصطلحنا، وأعجب السلطان ذلك وتبسم من قولهم.
ويحصي المقريزي بعد ذلك الخسائر التي سببتها هذه الكارثة فيقول: إن عدد الكنائس التي خربت بمصر أربع وخمسون كنيسة فضلا عن عدة أديرة هدمت عن آخرها، وقتل عدد كبير من الناس وحدثت خسائر لا تحصى في الأموال.
نستخلص من هذه الحوادث بعض الاستنتاجات، فلسنا نعد في حاجة إلى الإشارة إلى موقف السلطان محمد بن قلاوون، فقد كان يعطف على النصارى ويرغب في حمايتهم ، ولكنه اضطر أخيرا إلى مسايرة الجماهير الخانقة، ولسنا في حاجة أيضا إلى الإشادة إلى حكمة أولياء الأمور وكره الأعيان من المسلمين والأقباط لأعمال العنف.
ولا شك أن هذه الحركة قد دبرتها في الخفاء جمعيات لها صبغة دينية؛ لأنها كانت حانقة على استمرار نفوذ النصارى في البلاد، ومن ناحية أخرى، فإن الأعمال الانتقامية التي قام بها الأقباط قد دبرتها سرا رءوس جامحة كانت تعتقد أنها بعملها هذا قد تستطيع أن تقنع الأغلبية بالعودة إلى اعتدالهم في معاملتهم، ولكن استنكار البطريرك للأعمال الإرهابية كان دليلا على أن هذه الأعمال غير مرغوبة لدى الأقباط عامة، وعلى أي حال، فإن تدخل السلطات أنقذت الأقباط مرة أخرى من استفحال الكارثة.
وفي عام 728 «رفع النصارى قصة للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون يسألون الإذن في إعادة ما تهدم منها «أي: كنيسة الست بربارة»، فأذن لهم في ذلك، فعمروها أحسن ما كانت، فغضبت طائفة من المسلمين ورفعوا قصة للسلطان بأن النصارى أحدثوا بجانب هذه الكنيسة بناء لم يكن فيها، فرسم للأمير علم الدين سنجر الخازن، والي القاهرة، بهدم ما جددوه، فركب وقد اجتمع الخلائق فبادروا وهدموا الكنيسة كلها في أسرع وقت، وأقاموا في موضعها محرابا أذنوا وصلوا وقرءوا القرآن، كل ذلك بأيديهم، فلم تمكن معارضتهم خشية الفتنة، فاشتد الأمر على النصارى وشكوا أمرهم للقاضي كريم الدين، ناظر الخاص، فقام وقعد غضبا لدين أسلافه وما زال بالسلطان حتى رسم بهدم المحراب، فهدم وصار موضعه كوم تراب ومضى الحال على ذلك.».
16
وبعد سنين، اتهم أحد النصارى أنه حفيد رجل كان قد اعتنق الإسلام، فحكم القاضي على هذا النصراني بأن يدخل الإسلام، وألقاه في السجن ليجبره على ذلك ... فذهب النصارى جميعا لمقابلة الحاكم وتمكنوا من إطلاق سراح الرجل في حلكة الليل، وفي اليوم التالي توجهت الجماهير إلى منزل القاضي ... وكان الحاكم قد استدعاه ولامه لوما شديدا على ما اتخذه من إجراء غير أن الجماهير أيدت صراحة موقف القاضي، وأغلقت الحوانيت وأخذت تقذف الحاكم بالحجارة فاضطر إلى مغادرة المدينة، ثم توجهت الجماهير نحو الكنيسة التي بجوار هذه المنطقة فخربتها وأحرقت الصلبان والصور التي بها، ونبشت القبور وأخرجت الجثث وألقتها في النيران، وبعد ذلك قررت مهاجمة النصارى القاطنين في تلك المقاطعة، وفي هذا الأثناء، شكا الحاكم للقاضي من هذه الإجراءات العنيفة التي اتخذت ضد النصارى؛ إذ أشاعت الفوضى في البلاد وسببت للسلطان خسارة في فرع من فروع دخله يبلغ خمسمائة ألف درهم.
Halaman tidak diketahui