197

Approach to Da'wah in Light of Contemporary Reality

منهج الدعوة في ضوء الواقع المعاصر

Penerbit

جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Genre-genre

وهذا ﵊ لم يتجاوز مع فرعون، وقومه هذه الحدود، رغم ما توفر له من العدد والعدة، وخرج مع قومه سرًا سريًا .. دون أن يُقيم الأحكام فيهم .. فهل كان جاهلًا بهذا؟ أم كان جبانًا .. سبحانك؛ اللهم اهدنا إلى منهج الأنبياء.
وأما رسولنا الكريم عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، فقد ضرب - كالعادة - المثل الذي يُحتذى، سواء كان مع المسلمين أو مع غيرهم .. فنجده بمكة لم يُنفِّذ حكمًا واحدًا على مسلم، أو غيره، لأن مقام مكة كان مقام دعوة، وليس مقام ولاية أو قضاء.
ولما دخل مكة لعمرة القضاء لم يغير فيها شيئًا، ولم يحرك فيها ساكنًا، ولم يُزِحْ صنمًا من مكانه.
وحتى في المدينة، وبعد أن تولى رسول الله ﷺ الخلافة والحكم والقضاء، نجد أثر هذه القاعدة في معاملته الدعوية مع أصحابه.
وحديث الذي بال في المسجد مشهور، إذ قام الصحابة ليحكموا عليه، وينفذوا الحكم .. ولكن رسول الله ﷺ بعد أن نهاهم عن ذلك، أقبل عليه يعلمه ولا يوبخه، ويرشده ولا يحكم عليه، رغم ما فعل من وضع نجاسة في المسجد، وكشف عورة. (١)
ولما تكلم معاوية بن الحكم السلمي في الصلاة، أقبل رسول الله ﷺ عليه، يعلمه ويقول له: «إن هذه الصلاة ...» (٢).
وليس المقصود؛ عدم الحكم على من لم يسلم بالكفر، ولا على

(١) لتخريج الحديث راجع صفحة (١٣٥).
(٢) لتخريج الحديث راجع صفحة (١٤٦).

1 / 199