من تقدمه من الرسل (صلوات الله عليهم أجمعين)، وهو مخاطب من الله جل جلاله، ومخبر عنه إما بوساطة الملك كفاحا، وإما من وراء حجاب صراحا، وهو سماع الكلام القديم كما سمعه موسى (صلى الله عليه وسلم) بنص القرآن العظيم، ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) بنص الحديث الكريم.
والوحي على ضروب: فمنه هذا، ثم وحي رسالة بواسطة ملك، ووحي تلق بالقلب كما ذكر عن داود (عليه السلام)، والرسول يعم البشر والملائكة، والنبي يخص البشر، وقد جاء بذلك القرآن العظيم.
وأما النبي فهو المبلغ عن الله عز وجل للأمة التي هو من جملة شيعة رسولها، واتباعه ما يؤمر بتبليغه إليها من بشارة ونذارة إما بإلهام، أو منام، أو مخاطبة بعض الملائكة الكرام (عليهم السلام)، وليس له نسخ شيء من شرعة من تقدمه.
وأما قوله جل من قائل: محمد رسول الله [الفتح: 29].
وكذلك: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل [آل عمران: 144].
وكذلك: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم [الأحزاب: 40].
وقول عيسى: ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد [الصف: 6].
وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم [محمد: 2].
فإنما أراد جل وعلا تعريفه بالاسم؛ ليعلم من جحده أن أمره وكتابه هو الحق، ولأنهم لم يعرفوه إلا بمحمد ولو لم يسمه لم يعلم اسمه من الكتاب العزيز، مع أن اسمه مشتق من اسم الله عز وجل كما مدح به:
وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد
ولم يواجهه في القرآن العظيم باسمه؛ بل ناداه فيه بالنبوة والرسالة.
وناداه باللطف: يا أيها المزمل [المزمل: 1].
و يا أيها المدثر [المدثر: 1].
وناداه بالرمز بقوله جل من قائل: طه [طه: 1].
Halaman 136